kayhan.ir

رمز الخبر: 70547
تأريخ النشر : 2018January23 - 20:56

مسمار جُحا


حسين شريعتمداري

يحكى ان شخصا قد توصل الى اتفاق مع آخر عازم بيع بيته إلا ان البائع كان يصر على عدم بيع المسمار المثبت في جدار احدى الغرف ويبقى ضمن مالكيته مقيدا ذلك في سند التعامل! فوافق المشتري على هذا الشرط ظنا منه ان لا قيمة لهذا المسمار. بعد عدة اشهر وبينما كان صاحب البيت الجديد قد دعا لوليمة كبار الوجهاء، دق البائع الباب وهو في ثياب رثة حاملا معه قطعة من لحم حمار يستأذن صاحب البيت ليعلق اللحم على المسمار! فما من الرجل إلا وارضاء المالك القديم حفظا لماء وجهه امام الضيوف، لينجو مؤقتا من مكر هذا البائع الذي اشترط عليه في السند ان يبقى المسمار ملكه الى الابد.

قبل شهرين من المصادقة على الاتفاق النووي في الثاني والعشرين من مايس 2015، صادق الكونغرس الاميركي على قانون يعرف "INARA". ويتضمن الاتفاق النووي بين ايران ومجموعة (5+1) ومنه قضية INARA الذي يسمح لرئيس جمهورية اميركا ان يقرر كل اربعة اشهر امكانية تمديد الحظر المعلق في الاتفاق النووي مع ايران، ام يعيد العقوبات مرة اخرى! وبعبارة اوضح فان حيثية خطة العمل المشترك مرهونة بقرار الرئيس الاميركي، ومتى ما اشتهى الرئيس عدم تمديد الحظر فان خطة العمل المشترك في خبر كان!

ولما كانت خطة العمل المشترك بمثابة المقلب الذي ركب على ايران، فان اميركا غير مستعدة بتاتا للتخلي عنه... وهو ما سبق التحدث عنه مرارا، الا ان في هذا المقال سنتطرق لمسالة اخرى، وهو الدور المباشر والواضح لقانون "INARA" في التلاطم الاقتصادي الذي يمر به البلد، وهو الدور الذي فرضته الحكومة وبعض البرلمانيين على الشعب وهم غافلون. وهذا الدور يمكن تعيينه في الاقل بمجالين؛

الاول: فلا يوجد مستثمر داخلي ام خارجي عاقل، يضحي برأسماله في بلد مصير العقوبات المفروضة عليه في تأرجح كل اربعة شهر، لايعلم هل ستعاد العقوبات هذه المرة ام ترجأ لعوادي الايام!

وبذلك لايقدم المستثمر الاجنبي على توظيف امواله في ايران! وحين يطرق هذا الامر اسماع رجال الدولة يعمدوا للتذكير بعقد شركة توتال النفطية، اذ مع الاشارة الى سوء سابقة هذه الشركة في تماهيها مع احدى الاطراف الايرانية بقضية رشى ، ينبغي التذكير بما اعلنته الشركة الفرنسية وبشكل رسمي بانها ماضية في العقد ما مضت اميركا في تعليق الحظر، فان عادت العقوبات فلا الزام للشركة قبال ايران في الاستمرار بالعمل!و...

الثاني: ان الادلة واضحة مع انتهاء المرحلة الحالية لقانون INARA، ستعمد وسائل الاعلام والمسؤولون الاميركيون والاوروبيون لاثارة سجال واسع اذ لربما لايمضي الرئيس الاميركي مع تعليق العقوبات لاربعة اشهر عجاف اخرى، مما يدفع بتيار مشبوه في الداخل وبالتحجج بابواق وسائل الاعلام والمنصات ـ التي بعضها رسمي ـ للقرع على هذا الطبل السيئ، انه اذا لم نماهي اميركا ونرضخ لمطالبها فعلينا توقع كارثة غير مرغوبة!... بان نتخلى عن التصنيع الصاروخي، والسماح للمفتشين بمراودة المراكز العسكرية، والقبول بالوثيقة المعروفة بـ 2030 (FATF) ، وكذلك عدم ملاحقة الارهابيين الذين يدعمون علنا من قبل اميركا...

وبعبارة واحدة تحويل ايران الاسلامية وهذا الشعب الى لقمة سهلة يبتلعها الاعداء!

وفي هذا الخضم نشهد قضية ارتفاع قيمة العملات الاجنبية لاسيما الدولار، ولما كان الدولار مؤشرا ـ للاسف الشديد ـ على قيمة السلع والبضائع والخدمات إن لم نقل جميعها فاغلبها، فسنشهد ارتفاعا للاسعار كل اربعة اشهر وتفشي الغلاء في كل المفاصل، وحين تتعدى مهلةقرار الرئس ووافق على ابقاء التعليق الا ان الغلاء سيمكث ضيفا ثقيلا على كاهل الامة.

لربما يعتبر البعض هذه الرؤية تشاؤمية نوعا ما، الا ان ما نشهده على الارض يقرر ما نقوله، بان هناك مؤامرة مزدوجة داخليا وخارجيا للابقاء على الغلاء وتشديد العيش على الشعب لاسخاطهم...

لربما يدعي الفريق النووي المحترم او اولاء البرلمانيون الذين ورطوا، عن جهل، اقتصاد البلاد، يدعون ان INARA يختص بالداخل الاميركي ، وهو العذر الاقبح من الذنب!

فهذا القانون قد اخذ اشهرا من البحث والتدقيق باروقة الكونغرس، وبالتالي تم اقراره قبل شهرين من المصادقة على خطة العمل المشترك، مما اخل باعتبار الاتفاق قبل القبول به! من هنا ينبغي ان يسأل فريقنا النووي، انه لماذا قبلتم باتفاق رهين موافقة الرئيس الاميركي كل اربعة اشهر؟! كما ونوجه سؤالا منطقيا لنوابنا الافاضل، وهو لماذا صادقتم على خطة العمل المشترك بسرعة فائقة لم تتجاوز العشرين دقيقة، وفرضتم على الشعب وثيقة كارثية ولدت مع توأمها INARA؟

ان الجدير ذكره وما يؤسف له، ان يدعي بعض اعضاء مجلس الشورى في الرد على هذا الاجراء الذي لا يغتفر، ان العشرين دقيقة التي خصصناها للمصادقة على خطة العمل المشترك كانت طويلة نسبيا لاجل الموافقة على الاتفاق!!

هذه الاجابة الهزيلة نسمعها في الوقت الذي امضى الكونغرس الاميركي اشهراً للاعداد والمصادقة على قانون INARA، بينما يمر بعض نواب مجلسنا مرور الكرام امام هذه القضية وهم يعلمون بان الخصم سيحصل على امتيازات، متجاهلين توصيات خبراء اللجنة الخاصة المشكلة لدراسة خطة العمل المشترك، اللجنة التي قد شاركوا هم في اختيار اعضائها! وبلغ ببعض النواب ان يسطر 165 مكسبا لخطة العمل المشترك!

هذا ويأتي التغافل عن آراء الخبراء في اللجنة الخاصة الموكلة بالتدقيق بالاتفاق النووي في وقت تدارست اللجنة لاربعين يوما مواد خطة العمل المشترك بتنظيم خلية عمل تشمل المؤيدين والرافضين، حتى خرجوا بموقف ثاقب.

وبالتالي لابد من القول؛ ان الفرصة لما تفت، ويمكن رد الحجر من حيث اتى واجابة اميركا بالخروج من خطة العمل المشترك، اذ لما كان المسؤولون المعنيون بالاتفاق النووي يقرون بعدم التزام اميركا بخطة العمل المشترك ونقضها لتعهداتها، فلا معنى لابقاء الجمهورية الاسلامية وفية بالتزاماتها!