kayhan.ir

رمز الخبر: 70396
تأريخ النشر : 2018January21 - 21:08

عام من التقلبات والفضائح


لم يشهد تاريخ الولايات المتحدة الاميركية رئيسا شاذا كترامب بين رؤسائه الذين توالوا على حكمه لما يحمله من خصوصيات متناقضة ومتهورة، لا احد يستطيع التهكن بما سيفعله لشدة تقلباته وقرارات الارتجالية من جهة ولقلة خبرته وتجربته السياسية ثانيا وهذا ما يضطره عادة للرضوخ للجناح اليميني المتطرف في اميركا لذلك لا نرى له قرارا ومنهجا ثابتا في ممارساته وسياساته المتخبطة سواء الداخلية او الخارجية وهذه احدى نقاط ضعفه الكبيرة لانه متمرس على التجارة وليس السياسة التي لها تعقيداتها وادبياتها. وها هو يطوي عامه الاول في البيت الابيض وامامه سجلات فضائح وهزائم وانتكاسات لا تعد ولا تحصى فعلى الصعيد الداخلي شهدت كبريات الولايات الاميركية كواشنطن ونيويورك وتكساس اوستن وغيرها وكذلك مئات من المدن الاميركية تظاهرات مناوئة لسياساته ولم يكمل عامه الاول حتى شهدت حكومته شللا في دوائرها الفيدرالية بسبب الانقسام بين الجمهوريين والديمقراطيين حول الميزانية الجديدة وقد سرح الآلاف من الموظفين الى اشعار آخر مما يربك العمل الحكومي والاسواق والنشاطات العسكرية واذا ما استمر لعدة اسابيع سيكلف الولايات المتحدة خسائر بالمليارات وآخر شلل حكومي اصاب اميركا كان في عهد الرئيس اوباما عام 2013 واستمر لـ 16 يوما كلف هذا البلد 24 مليار دولار.

واما عدائه لوسائل الاعلام الاميركية السلطة الرابعة في البلد فحدث ولاحرج فالرجل لاينفك عن مواصلة هجومه على الاعلام واتهامه بشتى الاوصاف المشينة كأنه دخل في حرب مفتوحة معها ويبدو لا افق لنهايتها وهي سياسة مقصودة بالتاكيد لانه يحضر لدورته الرئاسية الثانية عبر تحييد الاعلام المعادي له وهذا ما يركز عليه من خلال استخدامه للتغريدات ليحافظ على شعبيته. وما قاله السناتور الجمهوري البارز عن ولاية اريزونا "فليك" في حق ترامب يكفي لتقييم الرجل ونظرته للاعلام حين قال ان ترامب يشكل "مصدرا كبيرا للعار".

اما على الصعيد الخارجي ففضائحه وتقلباته ومواقفه اللامسؤوله والنفاقية ازكمت الانوف واولها موافقته تجاه الازمة السعودية ـ القطرية التي سطا من خلالها على مئات المليارات من الدولارات من ثروات واموال ابناء الجزيرة العربية دون ان يسجل موقفا واضحا منها.

اما موقفه من الصين وروسيا الذي حاول في بداية عهده استمالتهما من خلال التواصل وزيارة البلدين فمحيرة لانه اليوم ينقلب عليهما 180 درجة بحيث يعلن جيمس ماتيس وزير دفاعه بان "من اولويات الاستراتيجية الاميركية هي مواجهة الصين وروسيا وليس الارهاب". وكأنه يضغط الزر ايذانا للحرب الباردة وهي خطوة في منتهى الخطورة التي قد تعرض الامن والسلم العالمي.

اما مؤامراته الكبرى ضد الاسلام والمسلمين التي اطلق عليها "صفقة القرن" لتصفية القضية الفلسطينية والتي كانت القدس الشريف وبالتعاون مع النظام السعودي الخياني بيت القصيد فيها باعلانه عاصمة للكيان الصهيوني قد ادخلت المنطقة في ازمة معقدة ومستعصية لا افق لحلها الا بشطب قرار هذا الرجل أو زواله.

واما شتيمته واهانته التي لا تغتفر لشعوب افريقيا واميركا اللاتينية ستبقى وصمة عار في جبين التاريخ الرسمي الاميركي الذي جبل على العنصرية والتدمير والارهاب واحتقار الشعوب من خلال غزوها ونهب ثرواتها.

واما المصيبة الكبرى فهو تصرفاته الصبيانية واللامسؤولة واللااخلاقية تجاه المعاهدات والمواثيق الدولية وهو في موقع رئيس بلد كبير وقوي كاميركا يدعي الحضارة والديمقراطية فالاولى به ان يكون نموذجا للالتزام بالقوانين الدولية ترى رئيسها هو اول من يخرقها ويتملص من تنفيذها كالاتفاق النووي مع ايران وكذلك خلافاته مع اقرب حلفائه وهم الاوروبيون على مدار الساعة لتحقيرهم وابتزازهم.

فالاداء المشين والقذر البعيد عن اللباقات الدبلوماسية والاخلاقية للرئيس ترامب خلال العام الاول من حكمه كشف حقيقة الولايات المتحدة الاميركية ودولتها العميقة في تعاملها مع العالم وشعوبها الحرة وهذه فضيحة مدوية لايمكن للشعب الاميركي ونخبه ومثقفيه وبشكل عام مجتمعه المدني ان يتحملوا هذا العار الذي اساء ويسيء لسمعة بلدهم ومصداقيته اكثر من هذا لذلك يتوقع الكثيرون ان يتنحى ترامب عن منصبه او سيعزل قبل اكمال دورته الرئاسية الاولى قبل ان يزج اميركا في المزيد من الازمات التي لا تخرج منها بسلام.