kayhan.ir

رمز الخبر: 63274
تأريخ النشر : 2017September13 - 19:59

قادة الشرق الشجعان


غالب قنديل

ما يجري على ساحة الشرق ليس حدثا عارضا بل هو تحول تاريخي يمس مستقبل العالم في العقود المقبلة ويرسي قواعد جديدة اقتصادية وسياسية واستراتيجية هذه الحقيقة بات التسليم بها من نافل القول وربما يعلق كثيرون بالتساؤل ما فائدة تكرار البديهيات ؟

أولا أين كانت هذه البديهيات قبل سبع سنوات عندما أذعن الكثيرون ببلاهة للروايات الزائفة من غير تدقيق او تمحيص عندما انطلق العدوان الاستعماري على سورية وساد الاعتقاد اوساطا كثيرة في العالم بان حركة ديمقراطية إصلاحية تتحرك على أرض سورية سموها الثورة وما لبثت ان تكشفت عن فصائل التكفر والتوحش بينما كان الغرب الاستعماري بقيادة الولايات المتحدة ومعه الكيان الصهيوني وحلف الناتو ومنظومة الهيمنة بجميع قوامها من الحكومات الرجعية التابعة إضافة إلى حشد من عشرات الحكومات التابعة والملحقة بالهيمنة الأميركية يحشدون قواهم وقدراتهم المالية والإعلامية والاستخباراتية والعسكرية في أشرس حرب بالوكالة تخاض لتدمير دولة ومجتمع وجيش وإخضاع شعب في بلد كان قدره عبر التاريخ انه عقدة الشرق ومركز العالم كما يفاخر أبناؤه وهو سورية القديمة العريقة التي قال الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون عشية زيارته لعاصمتها انه قادم للتعرف إلى أقدم مدينة في العالم وهي المدينة التي لم يستطع أي من الغزاة تدميرها ولم يضطر اهلها إلى إعادة بنائها في مكان جديد.

ثانيا كتب كثير من الفلاسفة عن اهمية دور القادة في صنع التاريخ وحيث يمثل إدراك التناقض الرئيسي كما يقول ماوتسي تونغ العتلة الرئيسية في فهم التحديات والانطلاق بالتصدي لها وحيث يعتبر هوشي منه زعيم الثورة الفيتنامية ان تمحيص المشهد حين تمتنع المعلومات ويتعثر التحليل لتبيان الخيط الأبيض من الأسود يجلي الحقيقة بالسؤال عن أين مصلحة العدو.

مناسبة الكلام هي الواقعة التي أشار إليها السيد حسن نصرالله في معرض حديثه عن الحرب على سورية ودور المقاومة اللبنانية وموقف إيران وهنا يختصر المشهد بثلاثة قادة شجعان يسجل لهم سبق الوعي والمبادرة وهم الرئيس بشار الأسد والسيد حسن نصرالله والإمام الخامنئي ومعهم وإلى جانبهم كان الرئيس فلاديمير بوتين.

ثالثا كنه الأحداث المشحونة بالالتباسات وبالتعمية والتضليل غاب عن الكثيرين لكن الرئيس بشار الأسد كان واضحا في قراءته العميقة منذ البداية وهو ادرك بقوة ان التناقض الرئيسي هو ضد منظومة الهيمنة الاستعمارية بينما كان السيد نصرالله يحاكي نصيحة هوشي منه فيكتشف بقوة ان العدو الصهيوني هو المحرك والمستثمر الأول في الحرب على سورية وقد كشفت الأحداث وقائع متينة وصلبة ما خفي منها حتى اليوم اكبر بكثير من مئة غارة جوية لتغطية جيش الإرهاب في المعارك ضد الجيش العربي السوري وقد تميز نصرالله منذ احتلال العراق بوعي استباقي لطبيعة عصابات التكفير قبل سنوات من الربيع المزعوم وهو ما ساعد في صياغة موقف واضح وقوي مما جرى في سورية.

أما عبارة الإمام السيد علي الخامنئي مرشد الجمهورية الإسلامية التي نقلها السيد نصرالله ومضمونها الهام حول وحدة المعركة دفاعا عن الشرق والخطر الذي سيعصف بإيران إن لم يهزم في سورية فهي معادلة استراتيجية حاسمة عن وحدة المنطقة كنطاق استراتيجي في مجابهة منظومة الهيمنة الاستعمارية الصهيونية الرجعية ولدى السيد نصرالله يقين عميق بان لبنان والعراق كانا في قلب الخطر نفسه.

الوعي والمبادرة والشجاعة هي ميزات تختصر اداء هؤلاء القادة الكبار في زمن حافل بالاخطار الوجودية التي حملها إعصار التوحش التكفيري ولا شك ان مآثر تاريخية ستحفظها ذاكرة شعوب الشرق لهؤلاء القادة ولشريكهم الروسي في ملحمة قاسية ومكلفة تشق الطريق إلى الشرق الجديد الذي هم قادته الشجعان ورمز حريته وتقدمه في العقود القادمة.