kayhan.ir

رمز الخبر: 29809
تأريخ النشر : 2015November22 - 20:48

تحولات مواجهة الإرهاب بعد قمة العشرين.. هل قلَبَ “بوتين” السِّحرَ على السَّحَرَة…!

د. مضر بركات

أدهش الرئيس بوتين الجميع بتصريحاته النارية في ختام قمة العشرين التي عقدت في أنطاليا التركية (15-16) من الشهر الجاري، حيث قال "دولٌ عديدة تموّل وترعى الإرهاب، وبعض قادة هذه الدول حاضرون معنا في هذه القمة..، سوف نحاسب المسؤولين عن إسقاط الطائرة المدنية الروسية، وسوف نستأصل الإرهاب”..، وتناقل الإعلام قوله "لقد قدمنا لشركائنا معلومات عن قنوات تمويل الإرهاب واتّجار تنظيم داعش الإرهابي بالنفط، كما قدمنا أدلةً توضح دروب توريد هذا النفط إلى الأسواق”..

وكانت وسائل التواصل الاجتماعي قد تناقلت مقطع فيديو يتحدث فيه الرئيس بوتين بحزمٍ، حيث حمّل المسؤولية عن كارثة الطائرة لـ(الدول الداعمة للإرهاب)، وأكّد – مهدداً بوضوح – اعتزامه توجيه ردٍّ صارم والانتقام لضحايا الاعتداء الإرهابي بلهجةٍ أكدت إصرار روسيا على أن تدفع هذه الدول ثمن مواقفها الإرهابية.. إلا أنه ترك الباب موارباً أمام هذه الدول حيث قال "نحن لن نمسح الدموع عن أرواحنا وقلوبنا.. سوف تبقى فينا إلى الأبد.. لكنها لن تمنعنا من العثور على المجرمين ومعاقبتهم.. سوف نعثر عليهم ولا يهمنا أين يختبئون في العالم.. سوف نستأصلهم.. إن عمل قواتنا في سوريا ليس فقط سيستمر، بل سوف نقوم بتكثيفه وسيزداد قوةً بطريقة تجعل الإرهابيين يفهمون أنّ القصاص أمرٌ لا مفرّ منه”..

وسط لهيب هذه التصريحات النارية للرئيس بوتين، لا بد أن يَشُـدَّ الانتباه ما ورد في بيان صدر عن جهاز الأمن الفيدرالي الروسي حول أسباب سقوط الطائرة المدنية في صحراء سيناء، كاشفاً أنها أسقطت بتفجير جرّاء قنبلة وضعها إرهابيون..، وذكرت مصادر إعلامية أن الحكومة الروسية قد خصصت مبلغ 50 مليون دولار مكافأة لمن يدلي بمعلومات توصل إلى منفذي العملية الإرهابية..!!

الإعلان عن (مكافأة) على هذا النحو يعتبر أمراً غير مألوف ويتناقض مع الأسلوب المتوقع من الروس في معالجة هذه القضية، فهو إجراءٌ يتناقض بطبيعته مع اللهيب الذي خلّفته تصريحات الرئيس بوتين في قمة العشرين، كما يتناقض مع ما هو معروف عن أجهزة الاستخبارات الروسية التي تعتبر أقوى من أن تلجأ إلى هذا الأسلوب، مع ملاحظة أن مجريات الأحداث أشارت إلى أن الروس كانوا يدركون حقيقة ما جرى للطائرة بعد بضعة أيام فقط من سقوطها، وهذا طبعاً كان قبل قمة العشرين بوقت طويل..، ومن الواضح أن الرئيس بوتين أرجأ الإعلان الرسمي عن نتائج التحقيق معطياً الفرصة للجنة التحقيق حتى نهاية قمة العشرين التي يبدو أنه تمكن عبر الاجتماع خلالها ببعض القادة من الحصول على (الثمن المطلوب) كي لا تقوم روسيا بالرد المباشر على الدول الراعية للعملية الإرهابية التي أودت بالطائرة..، وهنا يأتي الإعلان عن المكافأة المذكورة مؤشراً على أن بوتين إثرَ تمكّنه من فرض واقع معين في بازار قمة العشرين أراد التأكيد على أن روسيا عازمة على إعادة فتح الملف والدفع نحو مواجه مباشرة (إن لزم الأمر) مع مَن يقف وراء تفجير الطائرة، مهدداً – كما أعلَن لاحقاً – باستخدام المادة 51 من قانون الأمم المتحدة التي تخوّل الدول القيام بأعمال عسكرية بموجب حق الدفاع عن النفس، وذلك فيما يبدو خطوة استعدادية من قبل روسيا لتدعيم مشروع يُعرض على مجلس الأمن من أجل استصدار قرار بتوحيد الجهود في محاربة الإرهاب في سياق ضغطٍ روسي على أعضاء المجلس من أجل تفعيل اتفاق سابق تم منذ حوالي العام على مشروع روسي أيضاً تم وضعه تحت البند السابع آنذاك ويقضي بتجفيف منابع الإرهاب ومعاقبة الدول الداعمة للإرهاب..

لا شك أن القيادة الروسية تدرك مدى صعوبة الموقف السياسي المصري في قضية الطائرة الروسية المنكوبة، إلا أن أولويات الروس في قمة العشرين حتّمت عليهم اتخاذ خطوات تجاوزوا من خلالها تبعات تباطؤ الجانب المصري في الإعلان عن نتيجة التحقيقات، مع التأكيد على حرصهم على تطوير العلاقات مع مصر دون التفريط بالحقوق والمصالح الروسية ولم يخفوا استياءهم من بعض الإجراءآت المصرية في التحقيقات بدليل رفض روسيا متابعة الرحلات الجوية بين البلدين رغم عدة مطالبات مصرية بذلك خشية أن تحذو دول أخرى حذو روسيا كبريطانيا التي أوقفت رحلاتها الجوية إلى شرم الشيخ لأسباب أمنية..، وبالرغم من إعلان روسيا للأسباب من جانبٍ واحدٍ، الأمر الذي اعتبره الإعلام المصري تجاوزاً لسيادة مصر، إلا أن الروس لم يعلنوا تفصيلات عن طبيعة العمل الإرهابي الذي أدى الى الكارثة، ربما لعدم توفر المعلومات في ظل ما ذكرته بعض مصادر إعلامية من تورّط عناصر أمن مصريين في العملية وامتناع مصر – لأسباب قيل أنها سياديّة – عن السماح للّجنة الروسية بالتحقيق معهم على انفراد..، أو ربما لأن الرئيس بوتين تعمّد الاحتفاظ بما لديه من التفاصيل لما بعد (بازار) قمة العشرين ليصيب عدة عصافير بحجر..

في الحقيقة قد يكون منطقياً القول أن مصر قد اختارت التريّث أو التباطؤ في إعلان النتائج خشية أن تكون ضحيةً التباين بين روسيا وخصومها الدوليين الذين أغضبهم بالتأكيد سعي الرئيس السيسي للتقارب مع روسيا سعياً لتوازنٍ يخرج مصر من التبعيّة لأمريكا وحلفائها السعوديين الذين يخشون التحوّل المصري باتجاه روسيا التي سارعت لتزويد الجيش المصري بالسلاح بعد وصول السيسي إلى الحكم، في تأييد واضح لمساعي القيادة المصرية لاستعادة التوازن وربما الدور الإقليمي لمصر.. وهنا ربما يصِحًّ اعتبار الإجراءآت الروسية ضغطاً يهدف إلى تفعيل دور مصر في وجه الإرهاب الذي تدعمه دولٌ، كالمهلكة الوهابية تحديداً التي لطالما اعتبرت أن مصر في جيبها..!

من جانبٍ آخر.. يبدو أن الرئيس بوتين قد تمكن بنجاح من توظيف الأحداث الباريسية إلى جانب القلق الأوروبي من الإرهاب والتبعات الاقتصادية وضغوطات التكاليف المادية الهائلة لإجراءآت مواجهة الإرهاب العائد إلى أوروبا، الأمر لا يخرج عن مجريات المواجهات الاستخباراتية والاقتصادية في هذه الحرب.. فقد استجاب الفرنسيون مرغمين بشأن التنسيق مع روسيا لتوجيه ضرباتٍ جوية ضد تنظيم داعش في استعراض يبدو ضرورياً لإرضاء الشارع الفرنسي، وبالطبع بادر الرئيس بوتين بالتنسيق مع السوريين – ضمن ترتيبات مع الفرنسيين – للإعلان عن إعطاء التعليمات لوزير دفاعه من أجل الإيعاز للقوات الروسية العاملة في سوريا بالتعامل مع القوات الفرنسية الموجودة في المنطقة كقوات حليفة في محاربة الإرهاب..، وقد نُقل عن وزير الخارجية الإسباني قوله "لا بد من التنسيق مع الرئيس الأسد فهذا أهون الشرور”، وفي السياق ذاته يبدو رئيس وزراء بريطانيا أكثر حماساً في سعيه لإقناع مجلس العموم البريطاني للموافقة على مشاركة بريطانيا في تحالف موسّع بالتعاون مع روسيا لمواجهة داعش، فيما يشبه اللاهثَ ركضاً لركوب القطار كي لا تفوته الرحلة، الأمر الذي يمكن اعتباره تحوّلاً في أولويات دول أوروبا تجاه الانسياق خلف سياسات الولايات المتحدة.. في الوقت الذي عقد فيه مجلس الدوما الروسي جلسةً أقرّ خلالها مشروعاً للدعوة لتكثيف الجهود الدولية في تحالفٍ جديّ لمحاربة الإرهاب..

وبالنظر إلى أن نهج الرئيس بوتين والقيادة الروسية عموماً يبدو جلياً أنه لم يكن ليعوّل على البازارات الماديّة الرخيصة التي يؤمن بها آل سعود وآل خليفة وغيرهم من آلات نواطير النفط والغاز، فهو بالتأكيد أبعد ما يكون عن إفساح المجال لبحث الأمور من باب الحصول على تعويضات مادية أو المطالبة ببعث الموتى.. فما هي التنازلات الهامة التي قد تكون قدمتها تلك الدول المتورطة من أجل تجنُّب الرد الروسي المباشر (بشأن كارثة الطائرة) على أساس المادة 51 من قانون الأمم المتحدة، التي تسمح بالقيام بأعمال عسكرية دفاعاً عن النفس..!

منذ بضعة أيام كان الإعلام العالمي يتحدث عن احتمال استعادة روسيا لحصّتها في أسواق الطاقة في بولونيا وبعض الدول الأوروبية الأخرى على حساب تراجع حصة المهلكة الوهابية السعودية.. يبدو أن هذا أحد المؤشرات التي تؤكد مدى جديّة روسيا في سعيها لتحجيم دور بعض الدول في التحكم والتلاعب القذر بأسعار النفط والغاز في إطار تفاصيل المعركة الاقتصادية بين الغرب وروسيا، ولا شك أن هذا الثمن الذي فرضه الرئيس بوتين سوف يطال كذلك تحجيم دور المهلكة السعودية وغيرها من أدوات خدمةً المصالح الصهيو-أمريكية في أي حل سياسي مُزمَع في سوريا.. تماماً كما تمكّن من تحويل زخم العمليات الإرهابية الباريسية إلى ضغط دفع فرنسا للقبول بإعلان التنسيق مع روسيا في ضرب الإرهاب في سوريا، فأحبط المخطط الأمريكي-التركي-الفرنسي للتدخل بقوات بريّة، واكتفى جون كيري بتصريح ضبابيّ فحواه أن بلاده باشرت مع تركيا إغلاق ما تبقى من الحدود التركية مع سوريا في وجه الإرهاب ويقصد بالتحديد منطقة جرابلس، رغم أنه لم يوضح ما إذا كان يقصد الإغلاق بالاتجاهين أم أنه فقط في وجه انسحاب المرتزقة والعملاء إلى تركيا تحت ضربات الجيش السوري وحلفائه..!!

منطقة جرابلس التي قيل أن الجيش التركي سوف ينتشر فيها لاستكمال إغلاق حدوده بمساعدة أمريكية، تمتد على مدى 98 كيلومتراً بين مدينة عين عرب (كوباني) ومدينة اعزاز الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش الإرهابي، وتعتبر هذه المنطقة الشريان الحيوي لإمداد التنظيم بموارده العسكرية والبشرية عبر تركيا، الأمر الذي يثير الشك فيما إذا كان الأتراك والأمريكيون سوف يقومون فعلاً بإغلاق المنطقة في وجه داعش أم أنهم سيقومون بحراسة (عملائهم) والعمل على إبعاد الضربات الروسية عنهم وضمان عدم سيطرة الأكراد على المنطقة..! ، ويمكن القول أن موافقة تركيا تعتبر تفادياً لما قد يحصل تحت وطأة مفاجآت الانقلاب النوعي الذي يحدثه الآن تقدم الجيش السوري تحت الغطاء الجوي الروسي، والذي تؤكد المعطيات أنه يتجه نحو نصرٍ كاسح في ريف حلب منطلقاً باتجاه محافظة الرقة لتحريرها من بهائم الإرهاب الداعشي وغيره، وهذا بالطبع يشمل المنطقة الواقعة بين اعزاز وعين عرب..

لا بد من ملاحظة أن التصريح الضبابي لجون كيري لا يخفي ملامح ليونةٍ في الموقف تعتبر مؤشراً على استنفاذ الذرائع في ظل التخبط وفشل السيناريوهات الأمريكية العديدة حتى الآن لتشكيل قوات ضاربة تأتمر بأمرها وتكون (معارضة معتدلة) يمكن الاعتراف بها كفاعل مؤثر ميدانياً ومن ثم تُعطى دوراً سياسياً في المفاوضات، وتحل محل إرهابيي داعش في المنطقة تحت مسمياتٍ جديدة مثال (جيش سوريا الجديد) الذي أُعلِنَ عنه بتفاهم أمريكي-تركي بعد اعتراض تركيا على تشكيل ما سمّيَ (قوات سوريا الديمقراطية) التي جَمعت بدعم أمريكي بين أكراد وعرب وسريان تحت شعارٍ لا يخفي أهداف التقسيم الأمر الذي تخشى تركيا أن يمتد إليها..، وكذلك تفكك ما يسمى (جيش الفتح) الذي لم يُجدِ نفعاً في إنقاذ أمريكا من الإحراج تجاه مطالبات روسيا لها بتقديم قوائم بالجماعات الإرهابية وأخرى بالمعتدلة..، علاوةً على أنه لا يمكن ضمان استجابة الروس بشأن التصنيفات الأمريكية لهذه الجماعات، كما أن الجيش السوري والقوات الجوية الروسية لا يلقيان بالاً للتمييز بين من يحملون السلاح في وجه الدولة السورية بغض النظر عن اختلاف مسمياتهم..

مع انتهاء أعمال القمة في أنطاليا، أعطى الرئيس بوتين تعليماته إلى القوات الروسية لرفع وتيرة الضربات الجوية وتكثيفها ضد معاقل ومواقع الإرهابيين في سوريا، وسرعان ما أكدت هيئة الأركان العامة للقوات الروسية قيام قاذفاتها بتدمير ما يقارب 500 صهريج محملة بالنفط متجهة من سوريا إلى مصفاة للتكرير تسيطر عليها داعش في العراق، وهذه الصهاريج تشكل ما يعرف منذ بعض الوقت باسم "أنبوب النفط على الإطارات” كأحد أهم موارد تمويل داعش.. وكذلك تدمير مواقع إرهابية استراتيجية في ريفي حلب وإدلب وفي الرقة بالصواريخ المجنحة (كاليبر) التي أطلقها الأسطول الروسي قبالة السواحل السورية.. كما أكدت استخدام روسيا لأول مرة مجموعةً من القاذفات الاستراتيجية (تو-22إم3) بعيدة المدى التي قطعت مسافةً تزيد على ستة آلاف كيلومتر وتعمدت عبور أجواء تركيا التي لم تنبس ببنت شفة، وقامت بقصف أهداف ومواقع للإرهابيين في كل من حلب والرقّة ودير الزور، وكذلك قاذفات الصواريخ (تو-160) التي استهدفت مواقع في إدلب وحلب..

واليوم أعلن وزير الدفاع سيرغي شويغو عن مضاعفة عدد الطائرات الروسية في سوريا وعن إطلاق 18 صاروخاً مجنحاً (كاليبر) من بحر قزوين أصابت أهدافها في إدلب والرقة..، الأمر الذي يعتبر خطوة جديدة وهامة في استعراض القوة الضاربة الروسية بالتزامن مع تصريحات أميركية تشير إلى أن حاملة الطائرات (هاري ترومان) قد تبقى لفترة في البحر المتوسط لقصف مواقع داعش في سوريا بـ(التنسيق) مع القوات البحرية الفرنسية، وقد قال الرئيس أوباما من مانيلا عاصمة الفيليبين أمس بأن بلاده تدعم العمليات الروسية ضد داعش.. ليرد عليه المتحدث الإعلامي للكرملين ديمتري بيسكوف بأن محاربة داعش هي هدف استراتيجي لروسيا وأمريكا رغم الخلافات التكتيكية.. فيما أعلنت مصادر إعلامية روسية وغربية عن اتفاق بوتين وأوباما على أن السوريين هم من سيقررون انتقال السلطة تحت إشراف الأمم المتحدة….

من الواضح أن أبرز نتائج (بازار) قمة العشرين قد تكون اقتصرت عملياً على نجاح روسيا في فرض أمرٍ واقع تجسد في إحراج الجميع وبلورة تحوّل في أولويات تعاطيهم مع الوضع في سوريا، بينما فشل خصومها في دفعها لأي تنازلات، وها قد دعتْ مجلس الأمن إلى اجتماع فوري اليوم للتصويت على مشروع قرار بتشكيل جبهة دولية لمحاربة الإرهاب يصعب على واشنطن عرقلة صدوره أو عرقلة مشاركة بعض حلفائها فيه.. وبالتزامن مع ذلك سارعت موسكو إلى دعوة وزير الخارجية السوري وليد المعلم لزيارتها، مما يشير إلى احتمال قرب تنفيذ تسويةٍ ما قد تكون نتيجة تفاهماتٍ جرت بين روسيا والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا..، وحيث أن موسكو لا تخفي معارضتها سعي واشنطن لنشر (معارضتها المعتدلة) في الأماكن التي سيتم تحريرها من داعش، فإنه لم يعد موضع شكٍّ أن أن القيادة الروسية تعمل الآن على استثمار المزاج الأوروبي المهيّأ بعد أحداث باريس لدعم عملية برية في وجه الإرهاب في سوريا.. وقد بدأت موسكو فعلياً بتهيئة الرأي العام وإقامة الأسُس للمرحلة التالية لعمل قواتها في سوريا بإدخال قوات بريّة روسية، وقد قال الرئيس بوتين لضباط جيشه في اجتماعٍ متلفزٍ أمس "رغم الإنجازات حتى الآن ما يزال الجهد غير كافٍ لتطهير سوريا من الإرهابيين وحماية روسيا من هجمات محتملة.. وأمامنا عمل كبير، وأنا آمل أن تكون المراحل اللاحقة على المستوى نفسه من الجودة والمهنيّة”..!

في ظل هذه التطورات المتسارعة، يبدو الارتياح العام على وجوه السوريين قائماً على ثقة كبيرة بالقيادة السورية التي استطاعت بوضوح أن تكون ندّاً للحلفاء الذين يدركون أنهم لولا صمود الشعب السوري لما استطاعوا تحقيق كل هذه الإنجازات.. ومن نافل القول أن التحالفات لا يمكن أن تضم (حليفاً) ضعيفاً، فالضعيف عملياً هو مجرد (أداة) لا تملك أمرها.. وأما القوة فتكمُنُ في قدرة هذا الحليف أو ذاك على إدراكه لأهمية تكامل الأدوار وقدرته على تأدية دوره في التحالف، وهذا ما هيأ لسوريا القدرة على فرض مواقفها السيادية على مدى هذه الحرب، الأمر الذي شدّ من عزيمة الإخوة الروس والإيرانيين والمقاومة الوطنية لاستثمار كل ما يملكون من أجل تحقيق الانتصار الذي لم يعد يشك عاقلٌ أن شمسه ستشرق من سوريا على ترابها المُعَمّد بدماء الشهداء