kayhan.ir

رمز الخبر: 29807
تأريخ النشر : 2015November22 - 20:47

استراتيجية مكافحة الإرهاب: من ردّة الفعل إلى الفعل

د. طراد حمادة

هل يجمع العالم المعاصر همته ويذهب إلى مكافحة الإرهاب بعدما شعر بخطره الداهم على الاستقرار والأمن الدوليين. ومتى تحصل هذه القفزة النوعية، في الحرب على الإرهاب التكفيري والانتقال من حالة ردة الفعل إلى الفعل المباشر والعمل الاستباقي في مكافحة الإرهاب الذي لا يترك فرصة سانحة له، ولا فجوة في جدار الإجراءات الأمنية، ولا منفذاً للوصول إلى الأهداف السهلة والصعبة، دون أن يضرب ويشيع الرعب ويصنع القتل والدمار.

يبدو أن غفلة العالم المعاصر عن مخاطر الإرهاب، مكنته من معرفة مواطن الضعف فيه وسمحت للعقل الشيطاني المخرب للعالم، أن يصنع فيه ما يشاء: يسقط طائرة مدنية روسية فوق سيناء، يستبيح العاصمة الفرنسية باريس، في عمليات موزعة على أحيائها مستهدفة ملاعب الكرة، والأسواق والمسارح والمقاهي، في أحياء تتوزع بين قلب العاصمة وضواحيها في شكل غير مسبوق حمل الفرنسيين على الإحساس بالخطر الجدي والاستفاقة لمكافحته، وقد ضرب هذا الإرهاب قبل يوم في حيّ برج البراجنة قريباً من المخيم الفلسطيني، والطريق الدولية المؤدية للمطار وفي ضاحية بيروت الجنوبية، التي تمثل على وجه الحقيقة عاصمة حركة المقاومة في مكافحة الإرهاب.

مكافحة الارهاب

كل هذه العمليات الموزعة الأهداف المتعددة السبل لا تقيم وزناً لنتائج أفعالها ولا يردها رادع من قوة أو دين أو أخلاق، أو مبادىء مرتبطة بالحقوق الإنسانية، والعلاقات الدولية، ومجموعة القواعد التي تنظم الحروب وطرق الاشتباك فيها...

يضرب الإرهاب خبط عشواء ولا يقيّده قيد من أي نوع كان، وعليه فإنه يذهب إلى النهاية في عملية القتل والدمار وإرهاب العالم ونشر الرعب والخراب في أنحائه.

وهذا النوع من الحروب يستلزم قواعد مختلفة للمواجهة ولا يفيد معه قواعد الحرب المصروفة التي تلتزم بقوانين من نوع:

التوازن بين أمرين:

1- امتلاك القوة

2- واستخدام القوة

إن الحروب المشهورة بشكل أو بآخر تحترم قواعد امتلاك القوى واختلافه عن القدرة على استخدامها. وعلى الرغم من أن حروباً عديدة، في بداية الألفيّة الثالثة خرقت هذه القواعد من ناحية العمل على أمرين في الحرب:

1- استخدام كامل الطاقة المناسبة

2- السعي إلى الحرب النظيفة ومعناها عدم سقوط ضحايا في صفوف الأصدقاء

إلاّ أن هذه الحروب ظلت تخضع لقواعد مرتبطة بموازين القوى، وإخضاع نتائج الحرب إلى الأهداف السياسية لها وليس إلى مستوى الدمار الذي تلحقه بعدوها، وهو أمر قابل للنظر في كل أحوال شروط الحرب.

لكن حرب الإرهابيين على العالم المعاصر، والتي استفادت من تطورات الحروب السابقة لأن قسماً كبيراً من بنية هذا الإرهاب التكفيري مرتبط بأحداث ووقائع حصلت في:

1) الحرب في أفغانستان؛ وأدت إلى نشوء تنظيم القاعدة

2) الحرب في العراق؛ وأدت إلى نشوء أخوات القاعدة وملحقاتها من داعش وسواها

3) الحرب في سوريا؛ وهي المرحلة التي تنامت فيها نتائج هذه الحروب الإقليمية والدولية

إن مراقبة ما يقوم به الإرهابيون من أعمال تكشف أنهم لا يأبهون بردات الفعل الدولية على ما يفعلون لأنهم يدركون أن ردة الفعل لن تكون كافية للقضاء عليهم، وقد جربوا ذلك في الحروب السابقة المذكورة ومنها، أقصد ردات الفعل، ما يساعد على نمو هذه الحركات وتقوية جماعاتها، لأنه وفق المثل المشهور؛ الضربة التي لا تؤذيني تقويني...

إن استراتيجيّة ردّة الفعل العسكرية والسياسية لم تكن ناجحة في محاربة الإرهاب بل جعلته يوسّع من دائرة استهدافاته، ولا يضع أمامه أي محرم يردعه عن القيام بأفعاله القاتلة. وهذا ما تشير إليه الأحداث والوقائع العسكرية الأخيرة.

وعليه يبدو أن سياسة الفصل العسكري والسياسي المباشر في مكافحة الإرهاب هو السبيل إلى القضاء عليه، فيما الإبقاء على ردّات الفعل كما هو عليه حال التحالف الذي تقوده أميركا، فإنه يقوي من قدرات الإرهاب ولا يقضي عليها.

أخيراً، هل سنشهد صحوة صريحة للانتقال في الاستراتيجية العسكرية لمكافحة الإرهاب تنتقل من ردّة الفعل إلى الفعل المباشر؟؟ علينا أن ننتظر بضعة أيام، ونرى....