kayhan.ir

رمز الخبر: 21889
تأريخ النشر : 2015July01 - 21:06
في ذكرى ولادة كريم أهل البيت (ع)..

الامام الحسن (ع) .. ودوافع الصلح مع الطاغية معاوية

الامام الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام هو ثاني أئمَّة أهل البيت الطاهرين (ع) ، وأول السبطين ، وأحد سيَّدي شباب أهل الجنَّة ، وأحد ريحانتي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وأحد الخمسة من أصحاب الكساء (عليهم السلام ) .

أبوه أمير المؤمنين وقائد الغر المحجلين الامام علي بن أبي طالب (ع) ، وأمُّه سيِّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السلام ) ، وجدُّه رسول الله (ص).

ولد الامام الحسن (ع) بالمدينة المنورة ليلة النصف من شهر رمضان المبارك على الصحيح المشهور بين الخاصة والعامة سنة ثلاث أو اثنتين من الهجرة وهو أول أولاد الامام علي وفاطمة عليهما السلام.

ففي تذكرة الخواص روى أحمد بن حنبل في المسند بسنده عن البراء بن عازب: رأيت رسول الله صلى‏الله‏عليه‏ وآله واضعا الحسن (ع) على عاتقه وهو يقول "اللهم إني أحبه فأحبه" - متفق عليه وفي رواية "فأحب من يحبه". ورواه أبو نعيم في الحلية بسنده عن البراء إلا أنه قال "من أحبني يحبه".

عاصر الامام الحسن (ع) جده رسول الله (ص) وأمه الزهراء (ع) حدود سبع سنوات فأخذ عنهما الكثير من الخصال الحميدة والتربية الصالحة ثم أكمل مسيرة حياته الى جنب أبيه أمير المؤمنين الامام علي (ع) فصقلت شخصيته وبرزت مواهبه فكان نموذجاً رائعاً للشاب المؤمن واستقرت محبته في قلوب المسلمين.

وشارك الامام الحسن (ع) في جميع حروب والده الامام علي امير المومنين (ع) في البصرة وصفين والنهروان وأبدى انصياعاً وانقياداً تامين لإمامِهِ وملهمه. كما قام بأداء المهام التي أوكلت إليه على أحسن وجه في استنفار الجماهير لنصرة الحق في الكوفة أثناء حرب الجمل وفي معركة صفين وبيان حقيقة التحكيم الذي اصطنعه معاوية لشق جيش امير المومنين (ع).

وبعد استشهاد أمير المومنين الامام علي بن طالب (ع) بويع الامام الحسن (ع) بالخلافة في الكوفة. مما أزعج "معاوية" فبادر الى وضع الخطط لمواجهة الموقف. وأرسل الجواسيس إلى الكوفة والبصرة. وأدرك الامام الحسن (ع) أبعاد المؤامرة، وكشف الجواسيس، فأرسل إلى معاوية يدعوه إلى التخلّي عن انشقاقه. وأرسل معاوية رسالة جوابية يرفض فيها مبايعة الحسن (ع)، وتبادلت الرسائل بين الإمام ومعاوية، وتصاعد الموقف المتأزّم بينهما حتى وصل إلى حالة إعلان الحرب.

* دوافع الصلح مع معاوية:

وسار الامام الحسن (ع) بجيش كبير حتى نزل في موضع متقدم عرف ب”النخيلة” فنظم الجيش ورسم الخطط لقادة الفرق. ومن هناك أرسل طليعة عسكرية في مقدمة الجيش على رأسها عبيد الله بن العباس وقيس بن سعد بن عبادة كمعاون له. ولكن الأمور ومجريات الأحداث كانت تجري على خلاف المتوقع. فقد فوجىء الإمام (ع) بالمواقف المتخاذلة والتي أهمها:

1- خيانة قائد الجيش عبيد الله بن العباس الذي التحق بمعاوية لقاء رشوة تلقاها منه.

2- خيانة زعماء القبائل في الكوفة الذين أغدق عليهم معاوية الأموال الوفيرة فأعلنوا له الولاء والطاعة وعاهدوه على تسليم الإمام الحسن له.

3- قوّة جيش العدو في مقابل ضعف معنويات جيش الإمام الذي كانت تستبد به المصالح المتضاربة.

4- محاولات الاغتيال التي تعرض لها الإمام (ع) في الكوفة.

5- الدعايات والإشاعات التي أخذت مأخذاً عظيماً في بلبلة وتشويش ذهنية المجتمع العراقي..

وأمام هذا الواقع الممزّق وجد الامام الحسن بن على (ع) أن المصلحة العليا تقتضي مصالحة معاوية حقناً للدماء وحفظاً لمصالح المسلمين.

فعقد مع معاوية صلحاً وضع هو شروطه بغية أن يحافظ على شيعة أبيه وترك المسلمين يكتشفون معاوية بأنفسهم ليتسنى للحسين (ع) فيما بعد كشف الغطاء عن بني أمية وتقويض دعائم ملكهم.

* بنود الصلح:

أقبل عبد الله بن سامر الذي أرسله معاوية إلى الإمام الحسن (ع) حاملاً تلك الورقة البيضاء المذيّلة بالإمضاء وإعلان القبول بكل شرط يشترطه الإمام (ع) وتمّ الإتفاق. وأهم ما جاء فيه:

1- أن تؤول الخلافة إلى الإمام الحسن بعد وفاة معاوية. أو إلى الإمام الحسين إن لم يكن الحسن على قيد الحياة.

2- أن يستلم معاوية إدارة الدولة بشرط العمل بكتاب الله وسنّة نبيّه.

3- أن يكفل معاوية سلامة أنصارامير المومنين (ع) ولا يُساء إليهم..

* المخطط الأموي:

وانتقل الإمام الحسن (ع) إلى مدينة جدّه المصطفى (ص) بصحبة أخيه الحسين (ع) تاركاً الكوفة التي دخلتها جيوش معاوية وأثارت في نفوس أهلها الهلع والخوف. وخطب معاوية فيهم قائلاً: "يا أهل الكوفة أترون أني قاتلتكم على الصلاة والزكاة والحج؟ وقد علمت أنكم تصلّون وتزكّون وتحجّون… ولكنني قاتلتكم لأتأمّر عليكم: وقد اتاني الله ذلك وأنتم له كارهون… وإن كل شرط شرطته للحسن فتَحْتَ قدميّ هاتين”.

ورغم هذا الوضع المتخلّف الذي وصل إليه المسلمون والذي أجبر الإمام الحسن (ع) على الصلح مع معاوية قام الإمام (ع) بنشاطات فكرية واجتماعية في المدينة المنورة، تعالج هذه المشكلة وتعمل على تداركها وتفضح المخطط الأموي الذي قام بتصفية العناصر المعارضة وعلى رأسها أصحاب الإمام امير المومنين (ع). وتزويد الولاة بالأوامر الظالمة من نحو: "فاقتل كل من لقيته ممن ليس هو على مثل رأيك…”. وتبذير أموال الأمة في شراء الضمائر ووضع الأحاديث الكاذبة لصالح الحكم وغيرها من المفاسد…. ولذلك كانت تحركات الإمام الحسن(ع) تقلق معاوية وتحول دون تنفيذ مخططه الإجرامي القاضي بتتويج يزيد خليفة على المسلمين. ولهذا قرّر معاوية التخلص من الإمام الحسن، ووضع خطّته الخبيثة بالاتفاق مع "جعدة" ابنة "الأشعت بن قيس" التي دسّت السم لزوجها الامام الحسن (ع)، واستشهد من جراء ذلك الامام الحسن (ع) ودفن في البقيع بعد أن مُنِعَ من الدفن بقرب جده المصطفى (ص).

* من اقوال الامام الحسن (ع) في الصلح :

1- أرى والله أنّ معاوية خير لي من هؤلاء يزعمون انّهم لي شيعة ، ابتغوا قتلي وانتهبوا ثقلي وأخذوا مالي (الاحتجاج : ج2 ، ص20).

2- والله لئن آخذ من معاوية عهداً أحقن به دمي وأؤمن به في أهلي خير من أن يقتلوني فتضيع أهل بيتي وأهلي ، والله لو قاتلت معاوية لأخذوا بعنقي حتى يدفعوني إليه سلما المصدر (السابق).

3- لولا ما أتيت لما ترك من شيعتنا على وجه الأرض أحد إلاّ قُتِل(علل الشرائع : ص211).

4- والله لئن أسالمه وأنا عزيز خير من أن يقتلني وأنا أسير أو يمنّ علي فيكون سنّة على بني هاشم آخر الدهر لمعاوية لا يزال يمنّ بها وعقبه على الحيّ منّا والميت(المصدر السابق).

5- والله ما سلّمت الأمر إليه إلاّ إنّي لم أجد أنصاراً ولو وجدت أنصاراً لقاتلته ليلي ونهاري حتى يحكم الله بيني وبينه (علل الشرائع ص12).

6- لكنّي أردتُ صلاحكم وكفّ بعضكم عن بعض " وقوله في جواب حجر بن عدي : « وما فعلتُ ما فعلتُ إلاّ إبقاء عليك والله كلُّ يوم في شأن” (شرح نهج البلاغة لأبن أبي الحديد : ج16 ، ص15).

7-ولكنّي خشيت أن يأتي يوم القيامة سبعون ألفاً أو ثمانون ألفاً تشخب أوداجهم دماً ، كلهم يستعدي الله فيم هريق دمُه (المصدر السابق).

8- يا أبا سعيد علّة مصالحتي لمعاوية علّة مصالحة رسول الله لبني ضمرة و... أولئك كفّار بالتنزيل ومعاوية وأصحابه كفروا بالتأويل(المصدر السابق).

فسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يُبعث حياً

جميل ظاهري