kayhan.ir

رمز الخبر: 125220
تأريخ النشر : 2021January13 - 20:23

السيدة الزهراء ( عليها السلام ) ومحنة أبيها (صلى الله عليه وآله وسلم )

ولدت السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام ودرجت في بيت النبوة، وترعرت في ظلال الوحي، ورضعت من لبن خديجة حب الإيمان ومكارم الأخلاق، وحنان الأب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والأم، أم المؤمنين الطاهرة، وهكذا عاشت فاطمة في ظلال هذا الجو الروحي، والسمو العائلي، وتشبعت روحها بالحنان النبوي الكريم.

شاء الله تعالى أن تبدأ فاطمة طفولتها الطاهرة، في مرحلة من أشد مراحل الدعوة الإسلامية ضراوة ومحنة، وأكثرها قسوة وأذى لأمها وأبيها. لقد ولدت فاطمة في حدة الصراع بين الإسلام والجاهلية، وفتحت عينيها في ضراوة الجهاد بين الطليعة المؤمنة وقريش الوثنية الجائرة، وها هي قريش تفرض المقاطعة والحصار على رسول الله وأعمامه بني هاشم، وأصحابه من الدعاة وطلائع الجهاد، فيدخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شعب أبي طالب، وتدخل معه زوجته المجاهدة، رفيقة حياته وشريكته في جهاده، وتدخل معهم فاطمة، وتحاصرهم قريش ثلاث سنوات. وفي هذا الشعب ذاق صلى الله عليه وآله وسلم ومن معه فيها شظف العيش وقساوة المقاطعة، ومرارة الجوع والحرمان دفاعا عن الحق وتضحية من أجل المبدأ، وكانت بداية هذا الحصار في السنة السابعة بعد البعثة النبوية، وبذا عايشت الزهراء الحصار، وذاقت في طفولتها مرارة الجهاد وألم الكفاح. وتمر سنون الحصار صعبة ثقيلة، ويخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومن معه من الحصار والمقاطعة، وقد كتب الله تعالى لهم النصر والغلبة، وتخرج خديجة وقد أثقلتها السنون، وأرهقها عناء الحصار والحرمان، وها هي قد بلغت الخامسة والستين من عمرها الجهادي المشرق، وحياتها المثالية الفريدة في دنيا المرأة، لقد قرُب أجلُ خديجة، وشاء الله أن يختارها لجواره، فيتوفّاها في ذلك العام، الذي خرج فيه المسلمون من الحصار، وكان العام العاشر من البعثة. وتوفيّ في العام ذاته أبو طالب عم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وحامي الدعوة الإسلامية وناصر الإسلام، ولقد شعر رسول الله بالحزن والأسى، واحس بالفراق والوحشة، إنه الحبيب والعون والمواسي، فقد خديجة زوجته وحبيبته وعونه، وفقد عمه الحامي والمدافع عنه، فسمي ذلك العام ب(عام الحزن)؛ حقّاً إنه عام الأحزان، عام فقد فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحب الناس إلى قلبه، وأكثرهم عطفاً عليه. وليس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحده الذي رُزىء في ذلك العام، بل وفاطمة الصبية الصغيرة التي لم تشبع من حنان الأمومة، وعطف الوالدة بعد، فقد شاطرته هذه المأساة ورُزئت هي الأخرى، فشملتها المحنة في ذلك العام الحزين، عام الألم والمأساة، وشعرت بغمامة الحزن واليتم تخيم على حياتها الطاهرة. لقد فقدت أُمّها وفارقت مصدر حبها وحنانها، فشعرت بالألم والفراق يملأ قلبها ويحزّ في نفسها. ويحسُّ الأب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بوطأة الحزن على فاطمة عليها السلام، ويرى دموع الفراق تتسابق على خديها، فيرق القلب الرحيم وتفيض مشاعر الود والأبوة الصادقة، فيحنو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على فاطمة عليها السلام، يعوضها من حبه وحنانه ما فقدته في أمها من حبّ ورعاية وحنان. أحبّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاطمة وأحبته، وحنا عليها وحنت عليه، فلم يكن أحد أحبّ إلى قلبه ولا إنسان أقرب إلى نفسه من فاطمة عليها السلام، لقد أحبها وصاغ حبه لها، وقُربها منه أوسمة شرف وعبارات خلود، فكان يؤكد- كلما وجد ذلك ضروريا- هذه العلاقة بفاطمة، ويوضح مقامها ومكانتها في أُمتّه، وهو يمهد لأمر عظيم وقدر خطير يرتبط بفاطمة، وبالذريّة الطاهرة التي أعقبتها فاطمة عليها السلام، وبالأمة الإسلامية كلها. كان يُؤكد ذلك ليعرف المسلمون مقام فاطمة ومكانة الأئمة من ذريتها ليعطوا فاطمة حقها ويحفظوا لها مكانتها، ويراعوا الذريّة الطاهرة حقّ رعايتها.