kayhan.ir

رمز الخبر: 117147
تأريخ النشر : 2020August08 - 21:43

لو تتبعنا هذه الآثار!


حسين شريعتمداري

قبل الخوض في مكامن حادث انفجار مرفأ بيروت نستذكر بعض ما جاء من اخبار بهذا الصدد؛

ـ هز انفجار رهيب عصر الثلاثاء الماضي، العاصمة اللبنانية بيروت، اثر حادث وقع في الحاوية رقم 12 لهذه المدينة الساحلية، خلف مائة قتيل و5000 جريح والحصيلة مرشحة الى الارتفاع، في ظل وجود المزيد من المفقودين تحت الانقاض، فيما تستمر فرق الانقاذ لانتشال الجثث والمصابين.

ـ في عام 2014، وبينا كانت سفينة "روسوس" الحاملة لعلم "مولدوفا" تتجه من مدينة "باطومي" الجورجية نحو "موزامبيق"، تمخر في مياه الابيض المتوسط، واذا بها تعطب عند ساحل بيروت، لترسو مرفأ بيروت، وهي مثقلة بـ 2750 طنا من نترات الامونيا.

ـ السلطات اللبنانية بدورها تتوجس من السفينة ريبة، وبعد تفتيشها يتم توقيف قائد السفينة واربعة من العاملين، فيما سمحوا للآخرين بالعودة لبلدانهم.

ـ ولتلافي الاخطار المحتملة، قرر المسؤولون اللبنانيون نقل حمولة السفينة الى احد عنابير مرفأ بيروت، كي يتم بيعه او نقله الى البلد القادم، واثر ذلك توضع هذه الحمولة (2750 طنا من نترات الامونيا) الى المخزن المرقم 12 في ميناء بيروت.

ـ وخلال فترة ايقاف السفينة "روسوس" في مرفا بيروت، ونقل الحمولة الى المخزن 12 والى يوم الانفجار العظيم عصر الثلاثاء الماضي، تكرر طلب مسؤولي الميناء بنقل او اتخاذ تدابير اخرى للحؤول دون وقوع كارثة محتملة، الا ان هذه الالتماسات لم تلق آذانا صاغية!

ـ إن ميناء بيروت والذي تحول الآن الى خربة، كان بمثابة الميناء التجاري اللبناني الاساسي فترسو فيه سنويا اكثر من 3000 سفينة، ومحور شحن السلع، فيما يحفظ احتياطي الحنطة والعقاقير والمواد الغذائية والمستلزمات الضرورية للشعب اللبناني في مخازن هذا الميناء، اذ اثر الانفجار تلف كل ما كان مخزونا. كما وتشرد اكثر من 300 الف مواطن لبناني جراء انهدام منازلهم في بيروت، وتهدمت غالبية المشافي وما بقي من المستشفيات وكانت قد اخليت لمرضى وباء كورونا، تم افراغ اقسام منها للمصابين جراء الانفجار. وقدرت الخسائر بما يزيد على 5 مليار دولار، مما يزيد من قسوة الاوضاع الحالية للبنان الذي يئن اصلا من تراجع سعر صرف العملة المحلية.

ـ ان الحكومة اللبنانية سبق وابلغت اصحاب السفينة ووكلائها بالاسراع في نقل السفينة او حمولتها، التي تبعث على مخاطر كبيرة لما تختص به نترات الامونيا من قابلية انفجارية، الا ان اصحاب سفينة "روسوس" او وكلائهم لا يلتفتوا لجميع البلاغات من الحكومة اللبنانية، ويتركوا السفينة راسية في الميناء! وبعد ثلاث مرات من الطلب وعدم الاجابة تترك الحمولة في المخزن مع المخاطر التي تتبعها! ويبقى السؤال الذي يثير نفسه وهو: لماذا تم الاصرار على ابقاء المحمولة في بيروت رغم خطورتها؟! وان كان الامر خاضعا لبروتوكول تجاري فلماذا لم يقدم اصحاب السفينة على توضيب مكاتباتها الروتينية لايصال حمولة 2750 طنا من النترات الى موزمبيق؟!

ـ ضمن التقارير الصادرة عن مرفأ بيروت، لم تتم الاشارة الى نوع العيب الفني الذي لحق بالسفينة روسوس. وهذا الامر يحوز الاهمية من حيث ان مرفأ بيروت لا يعتبر ضمن المسار التجاري لجورجيا الى موزامبيق مما يقوي احتمال ان يكون الخلل الفني للسفينة روسوس ذريعة كي ترسو في ميناء بيروت! لاسيما وان السفينة لم تغادر الميناء حتى بعد ان عولج الخلل فيها، وهذا بحد ذاته مثار تساؤل بان تمكث حمولتها كل هذه الفترة في مخازن بيروت!

ـ ان الوثيقة التي قدمتها وزارة الدفاع (وبعبارة اصح وزارة الحرب) الصهيونية، وبشكل صورة مأخوذة من الجو، تدلل على ان المخزن الذي يحتوي على حمولة نترات الامونيا في ميناء بيروت كان ضمن بنك الاهداف التي حددتها المقاتلات الصهيونية عام 2018 خلال غاراتها!

ـ في الثقافة السياسية والعسكرية يتم الاطلاق على العمليات التي يحددها العدو ضد خصمه، ولكن لاسباب معينة، ومنها الخوف من الانتقام والرد بالمثل، يرجح ان لا يترك اي اثر ووثيقة تشير الى ان العملية من فعله هذا اولا، وثانيا انه بشكل ضمني وعن طريق تصريح الاخرين يحاول نسبة العمليات لنفسه وعلانه عن الهدف. على سبيل ا لمثال، بعد الحاق الضرر بموقع نطنز من قبل طابور خامس يعمل للكيان الصهيوني، وفي الوقت الذي التزم الكيان بالصمت خوفا من الرد الانتقامي الايراني، اعلن وزير الحرب الاسرائيلي السابق "آويغدور ليبرمن" والذي لا يشغر اي مسؤولية فعلية، انه سمع من مصدر امني مسؤول ان انفجار موقع نطنز هو من فعل اسرائيل.

ـ بعد ساعات من الانفجار الرهيب يوم الثلاثاء الماضي في مرفأ بيروت، اعلنت قناة العربية وايندبندنت التابعتين لنظام قتلة الاطفال والضيوف نظام آل سعود، بان الانفجار هو بفعل اسرائيل وانه ضريبة دفعها الشعب اللبناني بسب حضور حزب الله في هذا البلد! ان حكومة السعودية الاقرب ليس ضمن الدول العربية وحسب بل واحدة من اقرب دول العالم من النظام الصهيوني، ولايمكن القبول باتهام هذا النظام بالفعل الاجرامي بتفجير مرفأ بيروت! ولكن لماذا تفعل السعودية ذلك؟! لاسيما بعد ان تعلل نسبة الجريمة لاسرائيل بانه ينبغي شطب حزب الله لبنان من الدائرة السياسية والامنية للبنان كي تتجنب جريمة اخرى مشابهة لهذه الكارثة!

ـ كما ونشهد نفس الحركة من قبل الاميركان اذ ان دونالد ترامب يتصل بسعد الحريري رئيس وزراء لبنان المعزول والعميل الاسرائيلي ـ الاميركي المعروف، ويتحدث اليه حول الانفجار. والملاحظة المثيرة هنا، انه حسب العرف السياسي السائد، ينبغي ان يتصل الرئيس الاميركي بنظيره "حسن دياب"، ولكن لماذا "سعد الحريري"؟! ولا يمكن تفسير ذلك، الا ان ترامب كان بصدد بيانه للشعب اللبناني امتعاضه بمقدار سخط اميركا من عزل سعد الحريري ـ العميل الاميركي الاسرائيلي ـ. والامر اللافت هنا هو ان سعد الحريري، يوعز مباشرة بعد مهاتفة ترامب له، التقصير للحكومة اللبنانية! اي نفس الحكومة التي سخطت عليها اميركا واسرائيل لعدم خضوعها لاملاءاتهما.

ـ وكما لاحظتم ان الكثير من الوثائق والادلة المدرجة تؤشر على ضلوع اميركا والكيان الصهيوني ـ ومن وراء الكواليس ـ في الانفجار الرهيب الذي وقع في بيروت الثلاثاء الماضي. لاسيما وان هذين النظامين قد ارتكبا مئات الجرائم المشابهة والمثبتة في سجلهما الاسود. ولطالما برهنا انهما لا يحجمان عن ارتكاب اي جريمة للوصول الى اهدافهما الخمبيثة.