kayhan.ir

رمز الخبر: 115475
تأريخ النشر : 2020July10 - 20:33

نقاوم، نزرع، نصنع وننتصر..هكذا تكلم عزيز لبنان


* محمد صادق الحسيني

على مسافة أيّام من ذكرى "الوعد الصادق" وتحرير الجرود، وفي السابع من تمّوز تحديدًا، أطلّ صادق الوعد وسيّد التحرير سماحة السيد حسن نصر الله ، في خطاب يفتتحُ معركة التحرّر الاقتصادي، والتي تبدأ من كلّ بيت وفي كلّ عائلة، وتتظافر "إنتاجياتها" لتوجد سبيلًا إلى منع الانهيار المعيشي والاقتصادي الذي يفتك بنا جميعًا.

قد يبدو الكلام حالمًا، كما كان الكلام عن مقاومة الصهاينة والانتصار عليهم حالمًا في بدايات العمل العسكريّ ضد الاحتلال.. لذا تصدّى له نفس الذين قالوا ذات حرب إنّ العين لا تقاوم المخرز، وآخرون.

بدأت المقاومة الزراعية والصناعية إذاً. "سنزرع وسنصنع" أجاب الموقنون بصدق وعود الأمين.. وفيما كان البعض يحاول تسخيف الفكرة، كان الكثيرون يتفاعلون معها ويتبادلون المعلومات والخبرات البسيطة التي تمكّن الجميع من القيام بالخطوة الأولى نحو "الاكتفاء". الأمر ليس سهلًا، إلّا أنّه ليس مستحيلًا، بدليل نجاح الكثير من التجارب الزراعية والصناعية البسيطة والحرفية ولو على صعيد فردي. منذ بداية الأزمة، وفقدان العديد لوظائفهم، لوحظ توجّه الناس نحو الزراعات المنزلية كخطوة أولى لتأمين حاجاتهم، وبعدها شهدنا بعض المشاريع "الزراعية" التي اتخذت نطاقًا أوسع وبدأت ببيع المنتجات وتسويقها، وهي خطوات مهما بدت بسيطة إلّا أنّها تشير إلى إمكانية عالية لنجاح المشاريع الزراعية المنتجة التي تؤمن حاجة السوق المحلّي، لا سيّما في ظلّ نعمة تنوّع التربة في لبنان وإمكانية زراعة عدد كبير جدًا من المزروعات، من الحمضيات إلى الخضراوات والفواكه المختلفة ومن الحبوب إلى التبغ.

وحين نتحدث عن التنمية الزراعية، وهي تجربة بدأت بها فعليًا العديد من بلديات جبل عامل منذ دخول البلاد في أزمة كورونا، ينبغي أن نتذكّر أنّ أحد عناصر صمود الجمهورية العربية السورية طيلة الحرب الكونية عليها كان تحقيقها الاكتفاء الذاتي زراعيًا، وأنّ من أسباب تفوق الجمهورية الإسلامية في إيران رغم الحصار الطويل كان ولم يزل اكتفاؤها الذاتي. صحيح أن بلدًا كلبنان لا يمتلك ما لدى التجربتين السورية والإيرانية من مواد أولية "صناعية"، إلّا أنّ الاكتفاء الجزئي قابل للتحقّق بما يتوفّر من المواد الموجودة على طريق التمكين من الاكتفاء التام، ومن هنا صناعة النموذج "الاقتصادي" القابل للخروج بالبلاد من دائرة النظام الاستهلاكي الريعي إلى دائرة النظام المنتج وهي صناعة توجب أن يتحوّل كل فرد إلى عنصر فعّال فيها، إلى مجاهد على أرض المعركة الاقتصادية.

نعم، هي معركة حقيقية، نحن جنودها وسنكون حتمًا أبطالها، وهي امتحان لإيماننا بقدراتنا الفردية والجماعية. هي واجبنا الأخلاقي أوّلًا تجاه أهلنا وأولادنا.. سنزرع لنقاوم، وسنأكل ممّا سنزرع.. سنجتهد في تأسيس وتشجيع الصناعات الحرفية التي تمكننا من التخلّي عن استيراد الأساسيّات، من حياكة وخياطة الملابس إلى الأدوات الصناعية الخفيفة والمنتجات الغذائية، ولذلك تجارب عديدة لم تنجح بسبب منافسة البضائع الأجنبية.. سنتخلى عن "عقدة الماركة المشهورة" لصالح المنتوجات المحلية حتى ولو اختلفت معايير الجودة.. لن نخضع للدعاية ولألوان التسويق، هذه مقاومة أيضًا، وهي فرصتنا لإثبات جدارتنا بالحياة، بالحياة التي حماها جيشٌ من شهداء خاضوا المعركة في ساحات الاشتباك عنّا جميعًا وانتصروا.

وما ذلك على الله بعزيز

بعدنا طيبين قولوا الله