kayhan.ir

رمز الخبر: 112986
تأريخ النشر : 2020May22 - 20:48
إحياء يوم القدس العالمي... ودور الثورة الإيرانية

في نصرة فلسطين وتعزيز قوة قوى المقاومة...



حسن حردان

مع كلّ عام يجري فيه إحياء يوم القدس العالمي، الذي حدّده الإمام الراحل روح الله الموسوي الخميني، في آخر يوم جمعة من شهر رمضان، يتأكد مدى أهمية هذا اليوم لعدة نواح...

أولاً، التزام إيران الثورة قضية فلسطين قولاً وفعلاً، فهي ومنذ اليوم الأول لانتصارها رفعت راية فلسطين في سماء طهران بديلاً عن راية الصهاينة التي سقطت مع سقوط نظام الشاه التابع للمستعمرين الأميركيين والصهاينة... ويوم القدس هو تجسيد لهذا الالتزام من قبل الجمهورية الإسلامية الايرانية وقيادتها وشعبها وحرسها ثورتها، الذي يجسّد بدوره هذا الالتزام بدعم مباشر للمقاومة الفلسطينية الشعبية والمسلحة، وتشكيل فرقة القدس المجنّدة لهذه الغاية... وقد استشهد قائدها الفريق قاسم سليماني وهو يكافح ويقاوم لتحرير فلسطين..

ثانياً، التأكيد على جذرية الصراع المستمرّ بين أصحاب أصحاب الحق سكان فلسطين الأصليين، والمستعمرين والمستوطنين الصهاينة الذين احتلوا فلسطين بقوة الإرهاب والتنكيل والقمع الوحشي، وشرّدوا القسم الأكبر من أبناء فلسطين من ارضهم وديارهم.. وبالتالي إعادة وضع الصراع في مساره الصحيح باعتباره «صراع وجود وليس صراع حدود»، كما قال الزعيم أنطون سعاده، وان لا صلح ولا اعتراف ولا سلام مع الصهاينة الذين غزوا فلسطين بدعم من الاستعمار البريطاني الذي كان يحتلّ فلسطين في أواخر القرن التاسع عشر حتى منتصف القرن العشرين، ومكنهم، بعد ان منحهم وعداً استعمارياً، من إقامة كيانهم الاستيطاني الاستعماري المصطنع على أرض فلسطين، وولادة ما سُمّي بـ «إسرائيل»، الغدة السرطانية، كما وصفها الإمام الخميني، والتي أرادها المستعمر الغربي أن تكون خنجراً مسموماً في قلب الوطن العربي، أيّ في الوسط بين مغربه ومشرقه... وقاعدة متقدّمة للاستعمار لمنع وحدة العرب وإبقائهم خاضعين لسيطرته، وبالتالي ضمان استمراره في نهب ثروات العرب النفطية وتحويل الدول العربية إلى دول تابعة للمركز الرأسمالي الغربي تستهلك منتجاته...

ثالثاً، إنّ قضية فلسطين إنما هي قضية أممية إنسانية لا تعني الفلسطينيين والأمة فقط، بل تعني أيضاً كلّ الشعوب والأحرار في العالم، وأنّ دعم نضال الشعب الفلسطيني إنما هو واجب ديني وإنساني وأخلاقي يرتكز إلى الصراع بين الحقّ والباطل.. بين الشعب المضطهد في أرضه ووطنه، وبين المستوطنين المحتلين الذين استولوا على الأرض وطردوا سكانها منها.

رابعاً، الاستمرار في تذكير الأجيال من عام إلى عام بأنّ هناك أرضاً محتلة، وأنّ القدس المقدّسة مغتصبة وتتعرّض للعدوان المستمرّ من قبل الصهاينة.. وانّ انعدام الأمن والاستقرار في المنطقة إنما سببه استمرار احتلال الصهاينة لفلسطين وأنّ تحرير فلسطين وعودة أبنائها إليها هو السبيل لعودة الحق إلى أصحابه وتحقيق الأمن والاستقرار على أرض فلسطين..

خامساً، إحباط المخططات الأميركية الصهيونية الهادفة إلى طمس قضية فلسطين وتطويبها للصهاينة، والتأكيد بأنّ الصهاينة يريدون شطب كامل الحقوق الفلسطينية، وبالتالي هناك ضرورة لتحصين الأجيال بالوعي في مجابهة مخططات الصهاينة والقوى الغربية الاستعمارية والأنظمة العربية الرجعية التي تعَمل على محاولة تشريع وجود الكيان الصهيوني عبر إقامة العلاقات معه وتزييف حقيقة الصراع من خلال مسلسلات عربية تروّج الرواية الصهيونية المفبركة التي تلغي الحق الفلسطيني.. لهذا فإنّ إحياء يوم القدس إنما يندرج أيضاً في سياق معركة تعزيز وعي الأجيال بحقيقة الصراع وأصله وجوهره...

إذا كانت هذه هي أبرز النواحي لإحياء يوم القدس العالمي، إلا انه يأتي هذا العام في ظلّ اشتداد المخططات الأميركية الصهيونية العربية الرجعية الهادفة إلى:

1 ـ محاولة النيل من شرعية المقاومة ومحاصرتها والقضاء عليها لما تشكله من خطر على وجود الكيان الصهيوني.

2 ـ تشريع وجود الكيان الصهيوني على كامل أرض فلسطين وفي القلب منها القدس، عبر إقامة العلاقات معه وتمكينه من تمرير صفقة القرن...

لكن كما هو واضح انّ هذه المحاولات تواجه الفشل، لأنها اصطدمت وتصطدم:

أ – بإرادة المقاومة الشعبية والمسلحة المستمرة في قطاع غزة وفي داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث يواجه الكيان الصهيوني لأول مرة مقاومة فلسطينية مسلحة نجحت في تحويل قطاع غزة المحرر من الاحتلال، الى قاعدة للمقاومة تمكنت من إلحاق الهزيمة بجيش الاحتلال في كلّ محاولاته العدوانية للقضاء على المقاومة في غزة، كما تمكّنت من فرض معادلة ردع في مواجهة العدو بأن حوّلت المستعمرات الصهيونية في جنوب فلسطين وكذلك العمق الصهيوني في غوش دان وفي القلب منه تل أبيب إلى مناطق غير آمنة من خلال استهدافها بصواريخ المقاومة رداً على أيّ عدوان صهيوني على غزة... بما يذكر بوضع شمال فلسطين المحتلة قبل انتصار المقاومة في لبنان عام 2000 وبعد عام 2000 وخلال عدوان تموز.. الذي مُني فيه العدو بهزيمة قاسية، تحطمت فيها أسطورة الميركافا الصهيونية ووجهت ضربات قوية لوحدات النخبة في جيش الاحتلال الذي فشل فشلاً مدوياً في تحقيق أيّ من أهدافه العسكرية والسياسية...

ب ـ فشل الحرب الإرهابية الأميركية الصهيونية التركية العربية الرجعية في إسقاط الدولة الوطنية السورية قلعة المقاومة وحصنها وحضنها الدافئ، وبالتالي إخفاق هذه الحرب في إضعاف محور المقاومة الذي تشكل سورية عمود الخيمة فيه على حدّ قول قائد المقاومة في لبنان سماحة السيد حسن نصرالله.. وفشل هذه الحرب الإرهاب وانتصار سورية أدّى إلى تعزيز قوة محور المقاومة وسقوط الرهان الصهيوني على تمرير صفقة القرن لتصفية قضية فلسطين، ولهذا اعتبر قادة العدو انّ انتصار الرئيس بشار الأسد يشكل هزيمة استراتيجية لـ «إسرائيل».. الأمر الذي يزيد من مأزق الكيان الصهيوني ويفاقم من أزمته البنيوية والوجودية، لأنه بات لأول مرة منذ عام ١٩٤٨ محاطاً بجبهة للمقاومة ازدادت قوة وقدرة وخبرة واتسعت لتشمل إلى جانب لبنان وسورية وغزة وإيران الثورة، العراق واليمن.. وخصوصاً أنّ المقاومة في لبنان وغزة نجحت في إثبات القدرة على تحرير أجزاء من الأرض التي احتلها العدو بلا قيد ولا شرط وبالتالي قدّمت المقاومة بذلك النموذج والمثال وأوجدت الأمل الواقعي بإمكانية تحرير فلسطين...

إنّ نجاح كيان الاحتلال في الحصول على اعتراف بعض الأنظمة، لا يعني انه استقرّ وانتهى الصراع معه، فطالما كانت هذه الأنظمة تقيم العلاقات مع كيان العدو من وراء الكواليس وتتآمر على حركات المقاومة والأنظمة التقدّمية التحرّرية الداعمة للمقاومة والرافضة المساومة على قضية فلسطين.. إنّ ما يقلق الكيان الصهيوني ويعيد إلى الواجهة أزمته الوجودية إنما هو تنامي قوة جبهة المقاومة في المنطقة وتراجع القوة الأميركية وتولد موازين قوى جديدة لمصلحة محور المقاومة، عربياً وإقليمياً ودولياً...

انطلاقاً مما تقدّم يظهر بوضوح، ليس فقط أهمية إحياء يوم القدس العالمي في كلّ عام، وإنما يظهر أهمية تزامنه مع التحوّلات الحاصلة في موازين القوى لمصلحة منظومة المقاومة في المنطقة، والتي تشكل إيران الثورة القوة المحورية فيها، الأمر الذي يؤكد مجدّداً أهمية انتصار الثورة الإسلامية التحررية ودورها الريادي في نصرة قضية فلسطين، والمساهمة في تعزيز قوة قوى المقاومة، وإحباط المخططات الاستعمارية الصهيونية...