kayhan.ir

رمز الخبر: 110566
تأريخ النشر : 2020March11 - 19:59

الشراكة الأمنية مع تل أبيب.. الوهم الزائف

كشفت وزارة الخارجية الأميركية عن مشاركة الكيان الإسرائيلي في مؤتمر أمني في المغرب. وجاء ذلك في بيان للوزارة بأن الكيان شارك في مؤتمر دولي حول مكافحة الإرهاب عقد في المغرب الأسبوع الماضي بمشاركة عشرات الدول.

وفي هذا الصدد، كتبت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" أن الكيان كان له وجود نشط في الاجتماع الأمني بالمغرب، ولم تكشف الحكومة الإسرائيلية عن اسم المسؤول الذي حضر الاجتماع لأسباب أمنية.

في الوقت نفسه، أشارت بعض المصادر الصهيونية والأميركية إلى جهود الكيان الصهيوني لتطبيع العلاقات مع العرب، وكشفت أن الكيان يتفاوض مع الإدارة الأميركية حول اتفاق تعترف الولايات المتحدة بموجبه بالسيادة المغربية على منطقة الصحراء الغربية المثيرة للجدل، وفي المقابل، يتخذ المغرب خطوات لتطبيع علاقاته مع الكيان الصهيوني.

الكيان الصهيوني: جزء من الحل أم مصدر المشاكل؟

كانت تصرفات الكيان الصهيوني على مستوى منطقة غرب آسيا وشمال إفريقيا، مصحوبةً دائمًا بنهج يزعزع الاستقرار لتقويض أمن وقدرات الدول الإقليمية.

هذا الكيان الذي يجد نفسه في مأزق أيديولوجي وجيوسياسي، يجب عليه وفقًا لعقيدته الأمنية، أن يتخذ خطوات لخلق المشاكل لبلدان المنطقة في الداخل أو على المستوى الإقليمي، وذلك لتوفير الأمن لنفسه.

ولذلك، يبدو أنه طالما يجد الكيان الصهيوني نفسه في مأزق أيديولوجي وجيوسياسي على المستوى الإقليمي، وخاصةً أمام جيرانه، فسيعمد على زعزعة استقرار المنطقة، وفقاً لمبادئه الأمنية.

إذن، ما يبدو واضحاً هو أنه بسبب عزلة الكيان الصهيوني، وبناءً على العاملين المذكورين، فإن هذا الكيان ليس فقط لا يستطيع بسبب طبيعته أن يتخذ خطوات لتأمين منطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا، بل يجب أن يتحرك بالضرورة في الاتجاه المعاكس، من أجل تأمين مصالحه الخاصة.

ولذلك، إن إجراءات هذا الكيان المزعزعة للاستقرار على المستوى الإقليمي، ودعم الجماعات الإرهابية في سوريا والعراق، ومحاولة تقسيم هذه البلدان في إطار خطة إستراتيجية لإضعاف الدول الإسلامية القوية في المنطقة، وكذلك المشاركة الفعالة في الأزمة السودانية والدور القوي لهذا الكيان في تقسيم أراضيه تحت اسم جنوب السودان، تتوافق تمامًا مع الطبيعة الأساسية لهذا الكيان، وهي خطوات يمكن التنبؤ بها تماماً من قبل الكيان الصهيوني، من منظور السياسات الأمنية.

تطبيع العلاقات؛ خلق الاستقرار الإقليمي أم تصعيد التوترات؟

بالنظر إلى الضعف الأمني والاقتصادي لبعض الدول العربية في المنطقة، وجهودها للحصول على دعم الولايات المتحدة لحل مشاكلها، واجهت هذه الدول دائماً شرط الولايات المتحدة المسبق لإقناع هذه الدول بتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني.

في الوقت نفسه، دخل الكيان الصهيوني أيضاً في المعادلة التي وضعتها الولايات المتحدة، من خلال لعب دور الوسيط في العلاقات مع الولايات المتحدة وجذب الدعم الأمني والاقتصادي الأميركي لبعض الدول العربية في المنطقة.

وفي هذا الصدد، تنوي بعض الدول العربية تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني، للحصول على المزيد من الدعم الأميركي، وكذلك تحديد الكيان الصهيوني كشريكها الأمني.

لكن السؤال الأساسي الآن هو، حتى إذا سلمنا جدلاً بحل المشاكل السياسية بين الدول العربية والكيان الصهيوني وتطبيع العلاقات، فهل هذا الكيان قادر بطبيعته على لعب دور في تعزيز الأمن الإقليمي؟

للإجابة على هذا السؤال يجب القول إنه على افتراض حل المشاكل السياسية بين الطرفين، وحتى تجاهل بعض الدول العربية للقضية الفلسطينية من أجل تحسين العلاقات السياسية مع الكيان الصهيوني، قد يخرج هذا الكيان من العزلة السياسية على المستوى الإقليمي، ولكن العنصر الأهم المؤثر على السياسات الأمنية لهذا الكيان، أي طبيعته الأيديولوجية، سيبقى دون تغيير في الأساس.

لذلك، بالنظر إلى التعريف الذي يقدمه الكيان الصهيوني عن نفسه، والتطلعات التي يرى نفسه مضطرًا للسعي إلى تحقيقها، فمن المؤكد بأن عدم توافق تطلعات الكيان الصهيوني مع مصالح الدول العربية، سيحول دون قيامه بدور محقق للاستقرار في المنطقة، ومن المؤكد أن الكيان سيواصل دوره في زعزعة الاستقرار في المنطقة براحة أكبر.

ولذلك، على المدى البعيد، ستؤثر السياسات الأمنية للكيان الصهيوني على الدول العربية التي طبعت علاقاتها السياسية مع هذا الكيان أيضًا، وستواجه هذه الدول مشاكل أمنية أكثر حدةً.

وبالتالي، إن الكيان الصهيوني هو في الأساس وبسبب طبيعته الأيديولوجية التي تتعارض بوضوح مع مصالح الدول العربية والإسلامية في المنطقة، لا يمكن أن يعمل كلاعب مؤثر في تحقيق الاستقرار في المنطقة، بل إن مصالح هذا الكيان هي في خلق حالة من عدم الاستقرار على المستوى الإقليمي، وإشعال نار الفرقة بين المنافسين الإقليميين، وخاصةً من خلال إيران فوبيا.

مع أخذ ذلك في الاعتبار، فإن تطبيع علاقات بعض الدول العربية مع الكيان الصهيوني، لن يوفر الأمن والاستقرار في المنطقة فحسب، بل سيسمح أيضًا للكيان بمتابعة إجراءاته المزعزعة للاستقرار على المستوى الإقليمي، وهو الأمر الذي سيفاقم التوترات في المنطقة.

الوقت