kayhan.ir

رمز الخبر: 110565
تأريخ النشر : 2020March11 - 19:58

الأونروا بعد ترامب.. من وكالة للغوث إلى وكالة للحصار

اسراء البحيصي

من يتابع خارطة عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا" منذ أن رُسم الخط الأول فيها عام ١٩٥٠ وحتى الآن يدرك تماماً ما الذي يعنيه الفلسطينيون حينما يربطون بين إجراءاتها الأخيرة وبين تنفيذ صفقة ترامب على الأرض

فاللاجئون وحق العودة هي متراس من متاريس الحق الفلسطيني الذي لطالما أكدت كافة الأطراف الفلسطينية أنها لن تساوم عليه وبالتالي ظل حق اللاجئ على مدار العقود الماضية شوكة في حلق كل من يسعى لتصفية القضية الفلسطينية لذلك قررت الولايات المتحدة الأميركية ومن خلفها الكيان الاسرائيلي أن يتخلصوا من حق اللاجئ بالتدريج ، الحكاية بدأت منذ عام ٢٠٠٧ فقبل ذلك كان اللاجئ الفلسطيني يتلقى شهرياً مساعدة غذائية مباشرة من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، إلا أن هذا الأمر أخذ يختلف بعد ذلك شيئا فشيئا، وتحديداً بعد عام 2007، عندما أبقت الوكالة على مساعداتها فقط لمن تسميهم بالحالات الاجتماعية الحرجة ولم تعد المساعدة شهرية بل أصبحت أربع مرات في السنة ثم ثلاثة فقط ، إلى أن وصلنا إلى عام ٢٠١٨ الذي بدأت تتكشف فيه ملامح صفقة ترامب وكانت أولى خطواتها وقف الدعم المادي الأميركي عن الوكالة الذي كان يشكل نحو ثلثي الميزانية التي تقوم عليها الأونروا ثم أزيل القناع كلياً حينما أعلن ترامب صفقته التي تقوم أساساً على تصفية حق اللاجئ الفلسطيني ، وقد بدأت خطته تسير على قدم وساق من خلال سلسلة إجراءاتٍ اتخذتها وكالة الغوث خلال الأيام الماضية رغم أن الناطقون باسم الأونروا لازالوا حتى اللحظة يرجعون أسباب التقليصات والإجراءات لنقص التمويل ولا يعترفون بأنها جزء من خطة سياسية كبيرة لتصفية حق اللاجئ الفلسطيني .

ولعل أخطر القرارات الأخيرة هو قرار الأونروا بعدم إضافة أي مولود جديد في كرت التموين وهذا الإجراء من وجهة نظر الأونروا هو للحد من أعداد المستفيدين من برنامج الدعم الغذائي ، فكلما زاد عدد أفراد العائلة في كرت التموين تزيد كمية المواد الغذائية التي تقدم للأسرة ولهذا هم يريدون إدارة الأزمة بسبب نقص التمويل إلى أن تعود الميزانية كما كانت ولكن بالعودة إلى الوراء فإن التاريخ يخبرنا بأن الأونروا لم يسبق أن أعادت شيئا اقتطعته وهناك أمثلة لا حصر لها . أما من وجهة الفلسطينيون فهو إجراءٌ خطير وأبعاده سياسية بامتياز وهو منع توريث اللجوء والحد من أعداد اللاجئين المسجلين لإفساح المجال أما مشروع يهودية الدولة التي يسعى لها نتنياهو وصديقه ترامب ، والأمر لم يقف عند حدود هذا القرار فقد قلصت وكالة الغوث مؤخراً من المساعدات المقدمة للأُسر الفلسطينية حيث طالت هذه التقليصات أكثر من 9500 أسرة، وقد سبق هذه الإجراءات قرارات أخرى تتعلق بتقليص التوظيف في قطاعي التعليم والصحة فقد أخذت الأونروا قراراً بعدم توظيف معلمين على وظيفة ثابتة منذ أعوام واستبدال ذلك بوظيفة غير ثابتة، ما يؤثر سلباً على المسيرة التعليمية ويفاقم من أزمة الطلبة في المدارس، كما أن تقليص عدد المعلمين زاد عدد الطلبة في الصف الدراسي حيث وصل عددهم في الصف الواحد إلى خمسين طالباً ،وبالتالي قلت الفرص أمام الخريجين وازدادت الصورة سوداويةً لاسيما وأن هذه القرارات قد جاءت في وقت يعاني فيه اللاجئون في كافة مخيمات اللجوء من تدنٍّ كبير في مستوى المعيشة وازدياد مطّرد في الفقر وارتفاع غير مسبوق في نسبة البطالة ، حتى أن المواطنين لاسيما قي قطاع غزة وصفوا إجراءات الأونروا الأخيرة أنها حصار من نوع جديد .