kayhan.ir

رمز الخبر: 109174
تأريخ النشر : 2020February14 - 20:56

الأميركي.. قبل وبعد إغتيال سليماني


د.محمد فياض

منذ العام 2010وواشنطن تفكر بجدية وتضع الخطط وتفرز البدائل لاغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني.الرجل الصلب والداهية في هندسة تسليح المقاومة في فلسطين المحتلة وفي لبنان.ربما لم يكن سليماني فارضا حضوره بقسوة شديدة على أجندة الأميركي قبل حرب تموز 2006.ولم يكن مطروحاً على طاولةالعدو الممتدة من واشنطن إلى تل أبيب منذ تولى في العام1998 عسكرياً قيادة فيلق القدس أحد أهم أجنحة الحرس الثوري الإيراني . بعد أحمد حميدي.ولم يكن أمر قيادته لفيلق عسكري إيراني مختص في مد زراع القوة إلى الحدود مع فلسطين المحتلة يمثل أزمة لدى إسرائيل وبالتالي ضغطاً على الأميركي.

لكن.وبعد الإنكسار والهزيمة التي منيت بها الآلة العسكرية الأميركية في مقاطعة تل أبيب .وبالرغم من توافر كل الدعم..كل الدعم وأكرر من دول كبيرة في المنطقة لجهة هدف القضاء على حزب الله.

ويحضرني من الذاكرة ٱنئذٍ الموقف المخزي لواحد من أمراء الخليج الفارسي وهو يتودد إلى تل أبيب ويعرض عليه خارطة لأحد الأحياء البيروتية وفيها موقع القصر الخاص به ويقول له بالحرف ( هذا القصر ملكي وأنا أطلب أن تخلصونا من النصرالله هذا.وان تحافظوا على قصري).

الحرب التي خسرت فيها الرجعية العربية رهاناتها الكبرى التي كانت من المخطط لها بانتصار جيش الإحتلال وإعادة إحتلال بيروت سيتم مد الخطوط على إستقامتها.. أولاً لانتكاسة الأميركي الخارج مهزوما من لبنان في ثمانينيات القرن المنصرم.وثانيا لإخراج حاوية الملفات السرية التي تلخص لشعوب المنطقة العربية كلها مقررات الفصل الدراسي المحذوف.. إلى أجل..من بروتوكولات بني صهيون ومزرعة الحقد والشر التي أسست لها بريطانيا العظمى وسلمت مخططها إلى الأميركي الذي جاء يخلفها في احتضان اسرائيل ومالازم أمنها وتمهيد الطريق لتحقيق الوعد الذي جاءت من أجله

وساقت رجالاتها إلى سدات الحكم في العواصم..خاضت من أجله _ الوعد بالوطن القومي لليهود _ الحروب وعقدت من أجله اتفاقيات مانسميه نحن بالسلام. وتسميه واشنطن بالهدنة.

وبعد أن سكتت المدافع.أعلن العرب مقترح ملك الرياض في القمة العربية .. الأرض مقابل السلام.

لم يمل القادة العرب ولم يكِلّّوا ..هم ينشدون في محافلهم.. الأرض مقابل السلام..وشامير يؤكد لهم..: السلام مقابل السلام.

ولأن الأميركي الموكل إليه رعاية المصالح الأوروبية والصهيونية في منطقتنا..وعند استلامه التكليف من بريطانيا العظمى وقت ضعفها.أقسم الأميركي برأس جورج بن واشنطن ألا يترك كل العرب إلاّ وتم تسليم كل مقدراتهم لا إلى واشنطن بل إلى تل أبيب.

وأعلنت العواصم في كل مناسبة ودون المناسبة أن حرب أكتوبر ٱخر الحروب.

لكن تل أبيب والأميركي الذي يأتمر بأمر ولاتها القابضون على الإقتصاد والسياسة والعسكرة في واشنطن ..كانت لها قولة أخرى..قررت أن تصول وتجول في المنطقة.

فأعلنت في حضور قادتنا السوداء كونداليزا رايس مشروع الفوضى الخلاقة.وتوعدت بتغيير جغرافيا المنطقة.

كان لزاماً أن تنتج هذه المنطقة صوت رافض.

وكان يلزم الصوت ألا يكون عزفا فردياً أو نشاذا..تشكل محور المقاومة.

وانكسرت العسكرية الصهيونية مرة أخرى بعد حرب تشرين..وفي هذه المرة لم تهزمها جيوشا كلاسيكية بل مجموعة من المقاومة..حزب الله اللبناني الذي أقسم على نفسه أن تخرج اسرائيل مهزومة من الجنوب اللبناني وألا يدع الطيران الإسرائيلي مرة أخرى يخترق سماء لبنان.

وطلبت تل أبيب من الأميركي الهدنة مع حزب.. مجموعة من المقاومين العرب في لبنان العربي.

لم تكن سورية غائبة عن المعركة فقد كان السلاح الذي انتصرت به المقاومة اللبنانية في حرب تموز .من سورية.

وكان من أهداف الثورة الإيرانية قطع يد الأميركي.

ولأن للحروب معارك..وللمعارك ميدان مرئي وميادين تُحَضًر للحسم في الميدان.كانت الحرب بين الأميركي وحلفه من جهة ومن الجهة الأخرى محور المقاومة..

كسب المحور الكثير من المعارك وخسر أيضاً العديد منها في الصراع.في ميادين مختلفة في الإقتصاد والتصنيع والاستقلال وتوطين التكنولوجيا وصناعة الحاضر والذهاب إلى المستقبل..في السياسة بفرعيها..الدبلوماسية فقد خاضت طهران مع حلف واشنطن صراعاً دبلوماسياً لأكثر من أربعة عشر عاماً لتنتهي مع الحلف بالاتفاق النووي الذي سرعان ما أيقن الأميركي خسارته للمعركة.فقرر الإنسحاب من الإتفاق بلا أي مظهر من مظاهر الكبار..لعبة صبيانية.

وخسر الأميركي في الحرب على الجبهة العربية السورية خسارة سيثبت التاريخ وعندما يكون متاحاً إباحة كل الأسرار أن هزيمة الأميركي على الجغرافيا السورية أوقفت واشنطن مكبلة اليدين والقدمين معصوبة العقل في جدارات العصور الوسطى.وعلى حافة جبل شاهق الإرتفاع سيودي بها إلى نهايتها.

محطات كثيرة بدأت ولم تنتهي بعد من حلقات المواجهة بين الإيراني والأميركي.

وظل الصراع محكوماً ببعض من القدرة الأميركية على التواري خلف قاعدة ما..خلف عنوان ما..متجها لجهة ما..ولقدرة الأميركي على الصناعات الهوليودية التي يجيدها كان يملك باحتراف الظهور كدولة. وعظمى..

لم يكن يدور بخلد المتابعين أن الإيراني سيدفع الأميركي إلى لطم الخدود وشق الجيوب والعويل كالنساء في مأتم المجازر التي ارتكبتها الولايات المتحدة الأميركية وراح ضحيتها الملايين من البشر.

حتى الإيراني لم يكن ليتوقع أن ينفلت زمام الأميركي..أن يفقد أعصابه وتنهار قوته نهائياً وينحدر أمبير التحكم إلى الرقم صفر.

ليقرر رأس الدولة في البيت الأبيض إغتيال الجنرال الذي أشرف على تدريب وتسليح المقاومة وأسهم في التخطيط لإهانة المخابرات المركزية ومخابرات أوروبا العجوز والصهيونية في المواجهات التي خسرها الصهيوأميركي في المنطقة.

وبعد أن أسهم الجنرال سليماني في كتابة العناوين الرئيسة في فلسطين المحتلة لجيش الاحتلال فوق رؤوس الصواريخ في محور المقاومة.وأسس لجبهة مقاومة صلبة باتت تمثل الخطر الداهم على ابواب تل أبيب من الجنوب اللبناني العربي.

استيقظت أميركا على تنامي قوة المقاومة الفلسطينية واللبنانية ولاح في الأفق إمكان تكرار هزيمة جيش الإحتلال الإسرائيلي..وبينما تنتهي الحرب الكونية ضد سورية بهزيمة الأصيل والوكيل.

الأميركي والأدوات.ولم يتحقق شيء واحد لهم من قائمة المنتجات التي أعلنت واشنطن أنها ماضية في الحرب حتى تحقيقها..كلها.. سقطت أيضاً كلها.

فقرر الأميركي إغتيال سليماني.

ففي اليوم الثالث من شهر يناير الماضي..في بدايات العام 2020 ينفلت الرئيس الأميركي ويتخذ قرارا بتكليف البنتاجون باغتيال الجنرال قاسم سليماني على أبواب المطار في بغداد..

منتهى الرعونة..وكان من الممكن أن تنكر أميركا صلتها بل وتستنكر كعادتها وهي ترتكب جرائمها في كل مكان في العالم.لكن السيد الأميركي تبجح واعترف بارتكابه جريمة قتل سليماني.لايضيف ذلك إلى الجرائم الأميركية جديداً..بل أخرج الأميركي من وصف الدولة إلى مستنقع العصابة.أعلن الأميركي خروجه من مصاف الدول .. وإلى مصاف المجرم الخائب الذي يقرر أن يكون بلطجيا بمعايير بدائية..

وللمرة الأولى تعتمد العصابات الصهيونية العالمية التي تديرها تل أبيب على رأس الدولة الأميركية في حمل السلاح والإختباء وارتكاب جريمة القتل بالوكالة عنها.

إن سليماني لم يتولى تسليح المقاومة للإنقضاض على واشنطن أو الزحف لاحتلال نيويورك..بل لمواجهة العدو الإسرائيلي المحتل ووقف ووأد نزواته في التوسع وممارسة هواياته في شن الحروب على لبنان وعلى الشعب الأعزل في الأراضي المحتلة.

تقزمت واشنطن بفعلتها التي أصبحت سابقة خطرة وخطيرة.

واعتقد الأميركي أنه سيلجم المنطقة ويربك المقاومة لجهة تحقيق أي انتصار على الجغرافيا السورية أو اللبنانية .

لكن مايحدث على الأرض السورية بزحف الجيش العربي السوري إلى إدلب وحصارها وتحقيق انتصارات متتالية ضد الأدوات الأميركية .يؤكد أن اغتيال سليماني لن يحسم ثمة معركة واحدة من معارك الحرب لصالح جهة العنوان الرئيس من كل مايجري.لن تنعم اسرائيل بالأمن ولن تفلح واشنطن في تحقيق وعد بلفور..

وبات الصراع مكشوفاً..

بما يجعل المعارك القادمة من الحرب المعلنة بين محور المقاومة وبين الأميركي تلخص التاريخ وتحسمه..وتفتح له بوابات أخرى تظل خطوطاً فاصلة وحاكمة عند إتخاذ القرار في البيت الأبيض..وسيفرق الأميركي في مصالحه مع المنطقة بين تاريخين..قبل..وبعد إغتيال الجنرال سليماني.