kayhan.ir

رمز الخبر: 109133
تأريخ النشر : 2020February12 - 20:58

ضفادع تلك البركة

حسين شريعتمداري

رفع الله برحمته من مراتب المرحوم العلامة "محمد تقي الجعفري". فقد كان ملتزما بجلسة في بيته (شارع زيبا ـ زقاق حاج قاضي) ليالي الخميس، وفي احدى محاضراته تطرق لقصة نقلها عن الفيلسوف والقس الفرنسي "فليسيته روبر دولامنه" عاش في القرن الثامن عشر، وسانقلها بشيء من التحفظ؛

في ذلك اليوم عادت الضفادع متأخرة الى واحتها التي تسكن والليل قد ارخى سدوله، وهي اول مرة تتأخر الضفادع لمحل استقرارها، وقد رمقت بنظراتها داخل الواحة فامتلأ كيانها الخوف، إذ تم غزو المستنقع! من قبل الاعداء. فجنود الاعداء يرتدون الثياب البيض المشربة بالرصاصي، وقد انتشروا في انحاء الواحة. تجمعت الضفادع لتتشاور امرها وحضر الاجتماع من مستنقعات اخرى، وقرروا مهاجمة العدو. فاصدر قائدهم امر الهجوم؛ واحد، اثنان، ثلاثة... فقفزت الضفادع داخل المستنقع، وبدأت الحرب، مستعرضة كل قوتها لضرب العدو شمالاً وجنوباً ومن اعلى ومن اسفل، ولم يعطوهم فرصة لالتقاط الانفاس.

ولم تمض ساعة حتى اصدر قائد الضفادع امر وقف القتال، فيما انهار العدو بالكامل. وتنفست الضفادع الصعداء وهم مزهوون بالانتصار، فغطسوا في المستنقع ليقضوا باقي الليل بأمان. وبلغت القصة الى حيث يسأل "دولامنه" من طلابه؛ هل تعلمون من هو العدو الذي كان قد غزا المستنقع؟ انها اسقاطات لمجرة درب التبانة وقد انعكست على مسطح المستنقع. فالمجرة تتشكل من مليارات النجوم.. فيما تصورت الضفادع المتعبة انها قد دمرت العدو!

وبالامس في الذكرى الـ 41 لانتصار الثورة الاسلامية، خرجت مسيرات الشعب العظيمة في انحاء البلاد الى الشوارع، لتؤكد وللمرة الـ 41 وفاءها للثورة الاسلامية. وفي مختلف انحاء العالم تم التشديد على انفراد هذه الثورة في خصوصياتها، اذ يتجدد الحضور المليوني للشعب بحماسة تفوق سابقاتها تفاعلا وعددا. فيما سعت وسائل الاعلام المعادية لحجب هذه الحقائق عن شعوبها، ولكنها تعلم جيدا انها تواجه في ايران ثورة اسلامية قد انبثقت من اعماق وجود الشعب، وقد جرب العدو حظه العديد من المرات وتيقن عدم قدرته على مواجهة هذا الشعب.

وتمر احدى واربعون عاما على الثورة الاسلامية، فيما اغلقت جميع الفرص على القوى الدولية التي استخدمت كل قدراتها لمواجهة هذه الثورة، فكان العجز حليفه.

وهذه المسألة اكثر بداهة لتحتاج الى تفاسير وتحاليل معقدة. وتكفي نظرة الى باكورة الثورة الاسلامية ومقارنتها مع ما نعيشه اليوم، لتتضح لنا ان العدو يئس من كل الحيل والخدع التي بذلها خلال 41 عاما. فكانت مؤامرات تكفي بعضها لافشال اكبر القوى. إنها حقيقة، وبرغم تعاضد الاعداء، ليس بقينا صامدين وحسب بل تتعزز قدراتنا عاما بعد آخر، لتمتد الثورة لمختلف المناطق، حقيقة لاشك فيها على بقاء الثورة الاسلامية وعجز الخصوم ولست ادعي عدم تضررنا من الاعداء، فالضرر طبيعي في خضم المواجهة العتيدة والمستديمة، وانما الذي نعنيه عدم الحاق ضرر مهلك هذا اولا وثانيا اننا الحقنا بالاعداء ضربات بالصميم، حتى اصبحت منطقة غرب آسيا واجهة عرض لاندحارات اميركا وحلفائها، وهذا ما يطيل سرده. واقرب مثال على ذلك ما نعايشه اليوم في حادثة شهادة قائد القلوب الشهيد قاسم سليماني. فمن كان يتصور ان يطّلع سليماني العزيز بعد شهادته وافوله عن عالمنا السفلي، على افئدة مئات الملايين من الطاهرين في مختلف اصقاع العالم، ليتحول فكره ومشربه اسوة تستقطب القلوب وتستهوي شرائح عظيمة بمئات الملايين من الشعوب الاسلامية؟

فاميركا وحلفاؤها الغربيون والعبريون والعرب في مواجهتهم لايران الاسلامية اشبه بتلك الضفادع في قصة "فليسيته روبر دولا منه" التي انبرت لتحارب نجوم مجرة درب التبانة!