kayhan.ir

رمز الخبر: 102664
تأريخ النشر : 2019October14 - 21:13

تونس تنتخب فلسطين


ارتسمت فرصة غامرة عند الشعب التونسي بعد الاعلان عن فوز قيس سعيد رئيسا للجمهورية التونسية والاهم من هذه الفرصة ان فلسطين كانت حاضرة بقوة من خلال الاعلام الفلسطينية التي ترفرف بايدي التونسيين.

وقد جاء فوز سعيد مفاجئا اذ كان الجميع يتحدث عن ان الفائز في الانتخابات الرئاسية التونسية لن يخرج بين ثلاثي، مرشح حركة النهضة عبد الفتاح مورو ورئيس الحكومة يوسف الشاهد او وزير دفاعه المستقيل عبد الكريم الزبيدي ليأتي المرشح المستقل قيس سعيد من بعيد ليقلب الطاولة رأسا على عقب محدثا مفاجأة من العيار الثقيل لم يتوقعها اشد المتفائلين، ووصفت اوساط اعلامية وسياسية المشهد بالزلزال السياسي او السقوط المدوي للاحزاب التقليدية عندما تأهل المرشحان قيس سعيد ونبيل القروي الى الدور النهائي وغاب الثلاثي الذي كان يبدو على الورق "الاوفر حظا".

وقد نال قيس سعيد ما نسبته 53/72% من اصوات الناخبين في جولة الاعادة والتي اعدها المراقبون فوزا كاسحا في ثاني انتخابات رئاسية بعد ثورة "الياسمين" التي اطاحت بنظام المخلوع ابن علي في يناير 2011.

وعرف عن قيس سعيد انه من مؤيدي الثورة التونسية والرافضين بشدة التطبيع مع الكيان الصهيوني كليا وقد كانت المناظرة التلفزيونية "التاريخية" التي سبقت الانتخابات الرئاسية بيومين هي التي رفعت من رصيده الشعبي واوصلته الى ابواب قصر قرطاج اذ رفض سعيد كلمة "التطبيع" مع الكيان الغاصب ووصف ذلك ب "الخيانة العظمى". ويذكر انه قد انفعل كثيرا عند سؤاله عن التطبيع مع العدو الصهيوني بالقول "التطبيع خيانة عظمى يجب ان يحاكم عليها من يطبع مع كيان مشرد ونكل بشعب كامل".

ومن هنا يمكن القول ان استاذ القانون الدستوري وبتصريحه هذا قد عكس صورة جديدة لم نعهدها من الحكام الذين توالوا على الحكم في تونس ولا الذين يديرون شؤون البلدان في العالم العربي وهو موقف فريد وشجاع لانه وضع الحكام المتخاذلين واللاهثين وراء التطبيع مع الكيان الغاصب تحت المساءلة من قبل شعوبهم. وبنفس الوقت فان سعيد وبهذا التصور الواضح والواعي يمكن ان يضيف لمحور المقاومة لبنة جديدة وفاعلة في مواجهة الكيان الغاصب سوف تبدأ في القرن الافريقي وبذلك يتحقق هدفين مهمين اولاهما يقطع دابر اللهاث التخاذلي لبعض الدول العربية خاصة الخليجية منها الى التطبيع وثانيهما تقوية المحور الرافض للتطبيع خاصة وان الامال اليوم تتجه نحو الجزائر المقبلة على الانتخابات الرئاسية ليحذو الشعب الجزائري حذو اخوته التونسيين وانتخاب من يرفض التطبيع مع الكيان الغاصب.

واخيرا فان هذا التحول التونسي رسمه الشعب بقدرته الشجاعة مما سيكون له الاثر الكبير في ايجاد حالة من التصدع والتفكك في الجدار المعادي للشعوب الحرة ليشهد العالم وعن قريب تهاويه وسقوطه والى الابد.

ولابد ان نشيد في اخر المطاف بموقف الشعب التونسي البطل الذي وبانتخابه قيس سعيد الرافض للتطبيع مع العدوان يرسم خريطة جديدة عنوانها الكبير هو ان القضية الفلسطينية لازالت حية في نفوس الشعوب ولايمكن طمسها من خلال الدجل الذي يمارسه بعض الحكام الخونة لارادة شعوبهم.