kayhan.ir

رمز الخبر: 102508
تأريخ النشر : 2019October12 - 20:47

شرق الفرات.. معركة التصفيات السياسية


عبير بسام

توضحت نتائج التنسيق "الترامبي" ـ "الأردوغاني" ساعة بدء العملية العسكرية التركية في شرق الفرات بعد إنسحاب القوات الأميركية. يأتي الانسحاب كدعم أميركي للحليفة تركيا، التّي وصفها الرّئيس الأميركي دونالد ترامب بأنها شريك أساسي في الحلف الأطلسي. ويرى الكثيرون أن العدوان التركي الذي أطلق عليه اسم "نبع السّلام" هو محاولة أميركية جديّة لسحب البساط من تحت قدمي التّحالف الرّوسي التّركي الذّي بدأ يتنامى. حتى اليوم، اقتصرت العملية العسكرية على القصف المدفعي والجوي. فما الذّي يحمله الحاوي أردوغان في جعبته؟ وما هو السيناريو المكتوب لشرق الفرات اليوم وكيف سيؤثر ذلك على معركة الإرهاب في سوريا؟

قوات الجيش العربي السّوري المرابطة اليوم في مسكنه قرب مدينة الرّقة، وبحسب "مصدر مطلع"، لن تدخل المدينة الآن، ولن تستلم المواقع التي أخلتها القوات الأميركية، ولن تشتبك مع الجيش التّركي، وهذا الأمر منطقي. فقد دعت الدّولة السّورية في مناسبات عدة قوات سوريا الدّيمقراطية، إلى العودة إلى حضن الدولة، والتّنبه إلى أنّ الأميركي لا يؤمن جانبه، وأنّ انقلابها على الدّولة هو خيانة موصوفة.

ومن يتابع في الشّهرين الماضيين الإعلام السّوري، منذ توقيت إعلان أردوغان بأن العمليات العسكرية ستبدأ في نهاية الشّهر الماضي أيلول/ سبتمبر، سيلحظ التغيير في اللغة التي يخاطب بها التّلفزيون الرّسمي السّوري قوات "قسد" فقد تدرجت تسمية الأكراد المتعاملين مع الأميركيين من قوات "الأسايش" إلى قوات سوريا الدّيمقراطية إلى اختصارها بـ "قسد" إلى "الإنفصاليين الأكراد". واليوم، العديد من المحللين على شاشات التلفزيون العربي السوري يدعون الأكراد بالخونة، ومنهم من يشبههم بجيش لحد السابق في لبنان.

من الواضح اليوم، أن القيادة السورية كانت على اطلاع كامل بما ستؤول الأمور إليه، وأنّ الأكراد سيكررون موقفهم في عفرين عندما امتنعوا عن تسليم المدينة للجيش السّوري. واليوم عندما عرض عليهم الرّوسي رفع العلم السّوري فوق دوائر الدّولة عادوا ورفضوا ذلك. كما أبت الدّولة، منذ شهر تقريباً، التجاوب مع طلب تسليح العشائر العربية في شرق الفرات خلال لقاء مع مسؤولين في الدّولة السّورية، لم يعلن عنه، وذلك بحسب أهالي الجزيرة السّورية، عندما طلب هؤلاء من الدّولة تسليحهم في وجه "قسد".

المصدر المتابع يؤكد لـ"العهد" أن ما يحدث اليوم، قد لا يتجاوز عملية توغل محدودة، هدفها القضاء على الأكراد الإنفصاليين في سوريا، الذين تعتبرهم تركيا امتداداً للإنفصاليين في تركيا ولحزب العمال الكردستاني. وأنّه ما تنتهي تركيا من إخلاء تل أبيض وعين عيسى من الأكراد الإنفصاليين حتى تتم محاصرتهم، وعندها سيطلب تدخل الجيش السوري وستتم بحسب المصطلح القائم "إعادة الوضع إلى ما هو عليه".

قوام العملية هم قوات النّصرة، الذّين تم إخلاءهم من ريف دمشق، ومن إدلب وبقايا الجيش الحرّ، وهي القوات التّي حاصرها الجيش السّوري خلال عملية خان شيخون الأخيرة، والذّين أخرجوا بتسوية رعاها التّركي مقابل انضمامهم إلى عملية "نبع السلام". وبالتّالي: لن يتوغل الجيش التّركي داخل الأراضي السّورية، ولربما هذا ما يفسر ردّ الفعل الروسي الهادئ، ولأن الدولة السورية لن تسكت عن ذلك. وستبدأ ما بين الفصائل المسلحة تحت اللواء التّركي وما بين الإنفصاليين الأكراد معارك شرسة، خاصة مع أنباء هرب سجناء "داعش" من المعتقلات التي تسيطر عليها قوات قسد من مخيم الهول في ريف الحسكة. وهذا ما يقلق الأوروبيين اليوم، خاصة بعد دعوة ترامب للدّول الأوروبية بضرورة استعادة مواطنيها من مقاتلي "داعش"، والذّين تهدد تركيا بفتح الطريق لهم نحو أوروبا. ومن ناحية أخرى فإن أردوغان بحاجة لهذه العملية من أجل رفع مستوى رصيده السّياسي الذّي تضعضع في الآونة الأخيرة مع العلم أنّه لا يستطيع إطالة أمدها اأنها ستقضي على طموحاته السياسية في حال طالت الخسائر البشرية القوات التّركية الرّسمية.

يبدو أن القرار السوري سيكون الاستفادة من تشتيت القوة العسكرية للإرهابيين المنضوين تحت لواء العملية التّركية في شرق الفرات من أجل إنهاء عملية تحرير أدلب. وأما دخول الجيش السّوري إلى شرق الفرات فسينتظر قليلاً حتى ينهك المسلحين بعضهم البعض. كما أن بوادر إيجاد تسوية لوقف العدوان على اليمن وإنهاء الحرب عليه، سيدفع السعودية لتتوقف هي أيضاً عن دعم المسلحين في شرق الفرات وبالتالي إنهاء الوضع الحالي وبسط السّيادة السّورية في المنطقة.